تعال بنا نقارن ذلك بصور عادية من حياة الإنسان، إذا كنت مثلا تريد أن تذهب إلى طبيب فإن لك أن تبحث عن طبيب ماهر، وتسأل الناس عنه، وتتأكد من مقدرته وإجادته للطب، فإذا تم لك اختياره وذهبت إليه، فليس لك أن تسأله عن الدواء الذي سيصفه إليك ومناسبته للمرض، والعناصر التي يتكون منها، ونسبة هذه العناصر فيه، ولو ذهبت تسأله عن ذلك لضاق بك ولما استطعت أن تفهم ما يقول.
وإذا كنت تريد أن تتزوج، فإن من حق أن تبحث صفات المرأة التي ستتزوجها، ابحث جمالها وخلقها ودينها وكل مطالبك فيها، فإذا كانت نتيجة البحث اطمئنانك ورضاك وتم بذلك الزواج، فهل من الخير بعد ذلك أن تستمر في البحث والاختبار؟ وهل تقبل زوجتك أن تمتحن دائما عفتها وشرفها؟ أغلب الظن أنها لن تقبل، وأن هذا سيسبب اهتزاز للحياة الزوجية، فانعدام الثقة يعتبر بدء النهاية.
وكذلك الحال إذا أردت أن تشتري سيارة أو بيتا، لك أن تختبر وتبحث فإذا استقر رأيك على الشراء واشتريت، فلا تواصل بحثك وإنما عليك أن تدبر أمرك وأن تنظم لنفسك حياة استقرار ودعة.
وقد قلت في كتابي: " تاريخ التربية الإسلامية " عند الحديث عن الإجازات العلمية (1)، إنه منذ مئات السنين كان على من يريد أن يعمل مدرسا أن يعلن ذلك، ويحدد اليوم الذي سيبدأ فيه إلقاء دروسه، وكان الطلاب يجتمعون إليه ويعدون له الأسئلة المعقدة، ويجري حوار بينه وبينهم، فإن استطاع أن يشرح لهم ما أرادوه ثبتت قدمه، واعتبر ذلك إجازة له ليشتغل بالتدريس حتى ولو أخطأ بعد ذلك، أما إذا عجز عن الإجابة فإنه يقوم معهم