أدنى مبادئ الغيب وغاياته، فيرى أن وراء كل فصيلة من الظواهر الكونية ما يدفعها وينظمها، فيقوده ذلك إلى الاعتقاد بوجود إله للريح وإله للشعر وإله للحرب وهكذا، أما العقول الواعية الطليقة المتسامية، فإنها ترى أن خلف هذا كله قوة واحدة أسمى وأعظم، تصرف جميع الشؤون، فهي لا ترضى بآحاد القوانين، ولكنها تسمو إلى قانون القوانين وتستشرف إلى اليد التي جمعت تلك القوانين ونسقتها (1).
ولما كان التوحيد ضروريا فإنه كان قاعدة الأديان السماوية كلها قبل أن تفسدها الأفكار الطارئة الضالة، قال تعالى " وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون " (2).
وقد لجأ القرآن الكريم للعقل يحكمه في مسألة التوحيد والتعدد، ويثبت بأسلوب منطقي أن خالق الكون ومدبره لا بد أن يكون واحدا، كما أن لكل دولة رئيسا واحدا، وللسيارة سائق واحد، وللمدرسة ناظر واحد، وهكذا، اقرأ معي هذه الآيات:
- لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا (3).
- ما اتخذ الله من ولد، وما كان معه من إله، إذا لذهب كل إله بما خلق، ولعلا بعضهم على بعض (4).
- ولا تدع مع الله إلها آخر، لا إله إلا هو، كل شئ هالك إلا وجهه (5).