ويعلق مولانا محمد علي على هذه الآيات بقوله: إن العلم يسير وفق نظام محدد، وبتدبير محكم، وكل كوكب فيه يسير في طريقه المرسوم (1).
بقي أن نقول إنه غير معقول إطلاقا أن تسير آلة أيا كان نوعها وأيا كانت جودتها دون أن يكون هناك من يراقبها ويلاحظ سيرها، وأية آلة تشبه هذا الكون الواسع البديع بما فيه من نظم وترتيب؟ والذي يدل عليه العقل السليم أن عين الله لو غفلت لحظة عن هذا الكون لا ختلت نظمه واضطرب سيره، ولكنه جل شأنه: " وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم (2) ".
ولما كانت نظم الكون واضحة الدلالة على وجود الله، ولما كان الإنسان بما فيه من حواس ومواهب من أكبر الأدلة على الخالق الأعلى، كان أولئك الباحثون في الكون ونظمه، وفي الإنسان وخلقه، من أسبق الناس لمعرفة الله والإيمان به، لأنهم أكثر عمقا في بحوث الكون والإنسان، ولأنهم لا يقفون على هامش الحياة، بل تدفعهم أبحاثهم ليقفوا وجها لوجه أمام المعجزات الكبرى التي يخرون لها سجدا، معترفين اعترافا كاملا بالخالق العظيم، وقد عبر القرآن الكريم عن ذلك بقوله: " إنما يخشى الله من عباده العلماء " (3).
وقد نشر الدكتور دينرت. Dennert الألماني بحثا حلل فيه الآراء الفلسفية لأكابر العلماء بقصد أن يعرف عقائدهم، فتبين له من دراسة 290 عالما أنهم بالنسبة للعقيدة الدينية كما يلي: