ولم يقل كونفوشيوس أنه نبي ولا رسول، وإنما كان باحثا في الحكمة، وقد تناولت أبحاثه الحكومة والسياسة والأخلاق والمرأة، وكان شديد التأثر بعقائد قومه الأقدمين، فاتجه مثلهم إلى عدم القول بالجنة أو النار والعقاب والثواب، ولم يدرس مشكلة ما بعد الموت، معلنا أن مشكلات الحياة يصعب فهمها، فكيف بمشكلات ما بعد الحياة؟
وكان الصينيون القدماء يربطون بين الأحداث الكونية، وبين أخلاق الملوك وأخلاق الشعوب، فالعواصف والفيضانات والزلازل والأوبئة وما ماثلها، لبست عندهم إلا عقابا لانحراف الأمراء وانحراف الناس، وقد تبنى كونفوشيوس هذه الفكرة.
وكان كونفوشيوس ككل صيني - تخيفه الأحداث الكونية، فهو يرتجف من قصف الرعد، وعصف الرياح، وهطول الأمطار، وكسوف الشمس وخسوف القمر، وهو يقابل ذلك بالتعاويذ والقرابين، يحاول بها أن بقي نفسه شرور هذه الأحداث.
وكانت أفكاره حقا حافة بالدعوة للخير والرحمة والاخلاص وأداء الواجب، ولكن الصينيين من بعده انحرفوا بهذه الدعوة الخيرة واتجهوا إلى كونفوشيوس يبنون له الهياكل ويعبدونه، ويقدمون أمام تماثيله الذبائح والقرابين، ويركعون أمام تماثيله ويسجدون، وبالإضافة إلى هذا، شاعت بالصين قبيل الإسلام عبادة الأرواح وبخاصة أرواح الآباء والأجداد، إذ كان الصينيون يعتقدون أن هذه الأرواح تعيش معهم بعد وفاة أصحابها، والصينيون يحبون كثرة النسل، ولكنهم يمجدون الذكور، وعند ما يبشر أحدهم بابن يعلق القوس والنشاب على الباب، دليل مولد الذكر الذي يحمي