الفارسية القديمة بعد تهذيبها، وانتهى به التفكير الديني إلى القول بإلهين أو مجموعتين من الآلهة، المجموعة الأولى آلهة خيرة على رأسها " أهورا مازدا " والمجموعة الثانية مجموعة شريرة يتزعمها " أهرمان "، والنضال بين هاتين المجموعتين يمثل النضال بين الخير والشر في الحياة، ذلك النضال الذي لا ينقضي إلا بعد آلاف السنين حيث ينتصر الخير ويهزم " ما زدا " " أهرمان ".
واتجاه زرادشت فيه تعدد آلهة، وفيه ثنويه، ولكن كثيرا من الباحثين يعدون الزرادشتية دين توحيد، لأن ما زاد سيكون وحده في النهاية بعد أن ينتصر على آلهة الشر.
ورمز زرادشت لما زدا ببعض المواد الصافية كالنار، وقال بالبعث والحياة الأخرى والحساب، حيث ينتهي المرء لنعيم دائم أو عذاب مقيم.
تلك هي الخطوط الرئيسية في مذهب زرادشت، ولكن تعاليم زرادشت انهارت بعده، وأصبحت الثنائية أبرز مظاهرها، كما اتجه الفرس إلى النار يعبدونها ويرونها إلها، ويستعملونها في شعائرهم الدينية متناسين أنها كانت فقط رمزا للصفاء، حتى أصبحوا يعرفون بأنهم عبدة النار، وقد أتاح هذا للكهنة المجوس الذين كان لهم السلطان الديني قبل زرادشت أن يظهروا من جديد كواسطة بين الناس وبين الآلهة وكمسيطرين على وسائل التطهير، وكوسائل لإرضاء الآلهة، وسرعان ما أحيا الكهنة الطقوس التي كانت موجودة من قبل كعبادة الأصنام وتقديم القرابين وبخاصة للإله " مترى " الذي أصبح أبرز الآلهة.
ولما غزا الإسكندر المقدوني فارس في أواخر القرن الرابع ق. م اختفت الزرادشتية، وظلت مختفية مدة خمسة قرون، فلما قامت دولة الساسانيين