حاول هؤلاء العودة إلى الزرادشتية باعتبارها جزءا من تراث فارس، ولكن الزرادشتية الساسانية كانت بعيدة كل البعد عن اتجاهات زرادشت، وكانت تحقق أهداف الملوك وطغيان الكهنة.
وفي أواخر القرن الثالث المسيحي ظهر (مانى) في فارس، وكان ظهوره في عصر سادت فيه الشهوة، فاختط طريقا يحارب به هذه الشهوة الجامحة، فنادى بحياة العزوبة وعدم النكاح لحسم مادة الفساد والشر من العالم، وذلك بقطع النسل واستعجال الفناء، وقد قتله بهرام سنة 276 م قائلا: إن هذا خرج لتخريب العالم، فالواجب أن يبدأ بتخريب نفسه. وذهب ماني ولكن تعاليمه بقيت بعده إلى ما بعد الفتح الإسلامي.
وظهر مزدك سنة 487 م فأعلن أن الناس ولدوا سواء، لا فرق بينهم، وينبغي أن يعيشوا سواء، ولما كان المال والنساء من أهم الأسباب التي تخلق الفوارق وتسبب الكراهية، فقد قال مزدك بالشيوعية التامة فيهما، يقول الشهرستاني (1): أحل مزدك النساء وأباح الأموال وجعل النساء شركة بين الناس كاشتراكهم في الماء والنار والكلأ، ولقيت هذه الدعوة قبولا لدى الشبان والمترفين والفجرة، بل أيدها القصر الإمبراطوري ويقول الطبري (2):
كاتف السفلة مزدك في دعوته وشايعوه، فابتلى الناس بهم وقوى أمرهم، حتى كانوا يدخلون على الرجل داره فيغلبونه على منزله ونسائه وأمواله، لا يستطيع الامتناع منهم، وحملوا قباذ على الموافقة على ذلك وتوعدوه إن رفض، فلم يلبثوا إلا قليلا حتى صاروا لا يعرف الرجل ولده ولا المولود أباه، ولا يملك الرجل شيئا مما يتسع به.