ولم يستطع أنبياء بني إسرائيل أن يحملوا الهداية إلى أكثر هذه القلوب الغلف، وكان من اهتدى من بني إسرائيل يسرع إلى العودة للضلال كأنما كانت نفوسهم على وعد به، وعلى نفرة مع الرضوان والهداية، فالروايات تقص علينا خبر أولئك الذين اتبعوا موسى من بني إسرائيل وأنجاهم الله مما أنزله فرعون بهم من ذل ومهانة، ولكنهم سرعان ما تخطف أبصارهم أصنام لقوم يعبدونها فيقولون لنبيهم: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة (1).
ويدعهم موسى في رعاية أخيه هارون ويذهب ليتلقى الألواح من ربه، وفيها لهم نور من الله وهدى، ولكن سرعان ما يتخذ هؤلاء من حليهم عجلا جسدا له خوار، يعبدونه ويسجدون له من دون الله، وقد حكى القرآن ذلك في الآيات الكريمة " واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار، ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا، اتخذوه وكانوا ظالمين، ولما سقط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا، قالوا: لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين، ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال بئسما خلفتموني من بعدي، أعجلتم أمر ربكم؟ وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه. قال: ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين. قال رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين. إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة من الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين " (2).
وأراد موسى أن يستغفر لقومه وأن يطلب من الله الرحمة، فاختار