بعد ذلك تبدو واسعة بين النظامين، فالملكية في النظم الرأسمالية مطلقة لا قيود عليها، ولكن الملكية في النظام الإسلامي مقيدة، فلا يجوز للمالك في النظام الإسلام أن يحتكر، أو يسرف، أو يكنز، إلى غير ذلك مما سبق إيضاحه، لأن المالك الحقيقي هو الله، وقد حدد للمالك المؤقت وهو الإنسان طرق الاستعمال، وهذا بخلاف النظام الرأسمالي، فللمالك فيه أن يحتكر ويكنز ويسرف وغير ذلك مما هو في الحقيقة طبيعة الرأسمالية.
ومن طبيعة الرأسمالية كذلك اعتبار الإنسان آلة تتحرك لتجني الخير لأصحاب رؤوس الأموال فالعامل عند الرأسماليين جهاز يعمل لهم حتى إذا سقط أو مرض طرحوه، ولم ينل العمال بعض الحقوق من أصحاب رؤوس الأموال إلا بعد جهاد طويل وشاق، ولم تعترف الرأسمالية بهذه الحقوق إلا بعده ضغط شديد.
والرأسمالية عدوة المجتمعات، فهي لا تفكر إلا في مضاعفة ثروات أصحابها على حساب المجتمع الذي تعده سوقا لها، تغريه وتخدعه لتتشرب ثرواته وتأخذ دخله بطريق أو بآخر.
" وقد أدركت الرأسمالية كراهية الجماهير لها واحتمال ثورتهم في وجهها، فأعدت العدة للتضييق على الجماهير وكبت ثورتهم، وذلك عن طريق اتصالها بسلطان الحكم، إما بوصول بعض كبار أصحاب رؤوس الأموال إلى مناصب الحكم في الدول الرأسمالية، وإما بالتأثير في رجال الحكم بسب نفوذهم المالي والاقتصادي، وبذلك خرجت المشاريع الرأسمالية من كونها مشاريع اقتصادية بحتة إلى مشاريع لها أثر واضح قوي في الحياة السياسية والدولية، وبذلك ازدادت سلطة الرأسمالية وأصحاب الأعمال على العمال، وعلى مختلف الطبقات العاملة، كما ازداد التنافس والتطاحن بين الدول (1).