والدليل على عموم رسالة محمد واضح تمام الواضح، فقد عمت رسالة محمد الخافقين وشملت الأبيض والأسود والأصفر ولم يحس أحد من هؤلاء أن الدعوة لا تناسبه، ولا أنها مستوردة إليه من صنف آخر من الناس، بل أحس كل واحد أن الدعوة له، وأنها تنظم كيانه وحياته.
3 - ختمت الرسالات بدعوة محمد، والدليل على ذلك واضح للغاية أيضا، فقد مرت القرون تلو القرون بعد محمد، ولم يأت رسول بعد أن طلع على العالم محمد بن عبد الله، لقد كانت الرسالات قبله يتلو بعضها بعضا، بل كان بعضها يعاصر بعضا كما سبق القول، ثم طلع محمد بقوله إنه خاتم الأنبياء والرسل، وصدقه الواقع أربعة عشر قرنا وليس مثل ذلك دليل.
4 - دعوة محمد لها كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، فقد مرت السنون، وكثر أعداء الإسلام، ولكن القرآن بقي دون تحريف أو شبه تحريف " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون (1) " " بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ (2) " " ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين (3) ".
5 - يقين الرسول في هذه المرحلة ثابت كالطود الشامخ، لم تزعزعه الأحداث ولم تخطر له الشكوك والأوهام، وكان يهتف في الشدائد: رباه إن لم يكن بك على غشب فلا أبالي.
6 - حياة محمد وحياة دعوته كلها وضوح وضوء ونور، تواريخ محددة، وأحداث ثابتة، وتطور مستقيم راسخ.