هذا عن حرية الرأي والبحث، أما حرية التدين فقد ألغته الكنيسة واتخذت قرارات غاية في القسوة سواء في ذلك ضد اليهود أو ضد البروتستانت أو ضد المسلمين، ففي 30 مارس سنة 1492 أصدرت الكنيسة بإسبانيا قرارا بأن كل يهودي لم يقبل المعمودية في أن سن كان وعلى أي حال يجب أن يترك إسبانيا قبل يوليو، ومن رجع منهم إلى هذه البلاد عوقب بالقتل، وفي فبراير سنة 1502 نشر الأمر بطرد أعداء الله المغاربة (المسلمين) إذا لم يقبلوا التعميد، وشرط على من يترك منهم إسبانيا ألا يذهب في طريق يؤدي إلى بلاد إسلامية، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك.
وقد أصدر البابا منشورا سنة 1764 جاء فيه لعن كل من يقول بجواز أن يفسر أحد شيئا من الكتب المقدسة على خلاف ما ترى الكنيسة، أو يرى بأن الشخص حر فيما يعتقد ويدين به لربه، وأصدر منشورا سنة 1868 ينص على أن المؤمنين (المسيحيين) يجب عليهم أن يفدوا الكنيسة بأرواحهم وأموالهم، وعليهم أن ينزلوا لها عن آرائهم وأفكارهم (1)، ولما ظهرت طائفة البروتستانت جعلت الكنيسة الكاثوليكية عقوبة الاعدام قانونا يحكم به على كل من يخالف معتقد الطائفة، ومن أهم المذابح التي وقعت للبروتستانت مذبحة باريس سنة 1572 التي سطا فيها الكاثوليك على ضيوفهم البروتستانت وقتلوهم خيانة وهم نيام (2).
ولم يعرف العالم القديم حريز التملك، فقد كان النظام الاقطاعي منتشرا، وكانت الأرض ملكا للحاكم ولقلة من أعوانه، أما الشعب فكان رقيقا تابعا للأرض، لا حق له ولا حرية.