الزاعم، بل بالنقل عن جهابذة هذه الصنعة وأئمة أهل الحديث، الذين جمعوا صحاح الأحاديث في أمر المصطفى صلى الله عليه وسلم وأحواله وأفعاله وحركاته وسكناته، وأحوال الصحب والتابعين، كالشيخين وغيرهما من الثقات، الذين اتفق أهل المشرق والمغرب على صحة ما في كتبهم، وتكفل باستنباط معانيها وكشف مشكلاتها كالخطابي والبغوي والنووي جزاهم الله خيرا، ثم بعد النقل ينظر من تمسك بهديهم، واقتفى أثرهم، واهتدى بسيرتهم في الأصول والفروع، فيحكم بأنهم هم (1) .
وأقول: هذا الدليل في ركاكته كسابقه، فإن كل الفرق تزعم أنها جمعت الآثار الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأحواله وأفعاله وحركاته وسكناته بالنقل الصحيح عن جهابذة الحديث وأئمة الدين... إلى آخره.
وكل الفرق تدعي أنها تقتفي آثار الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وتتمسك بأحكامه المنقولة عنه بالنقل الثابت الصحيح. إلا أن هذه كلها دعاوى فارغة لا قيمة لها كما قلنا.
وقوله: (بالنقل عن جهابذة هذه الصنعة... كالشيخين وغيرهما من الثقات الذي اتفق أهل المشرق والمغرب على صحة ما في كتبهم) ادعاء فاسد، فإن الشيعة مثلا لا يصححون أسانيد أكثر تلك الأحاديث ولا يعتدون بها، وإجماع أهل السنة على صحة تلك الأحاديث التي جمعها حفاظ الأحاديث عندهم لا يعني إجماع كل الأمة على ذلك فضلا عن إجماع أهل المشرق والمغرب.
وقوله: (ثم بعد النقل ينظر من تمسك بهديهم (2)، واقتفى أثرهم، واهتدى بسيرتهم في الأصول والفروع، فيحكم بأنهم هم) لم يبين فيه أن أهل السنة هم الذين تمسكوا بهدي الصحابة والتابعين، بل علق الحكم بالنجاة على