البركات فالخير مقتضى (1) بالذات وبالقصد الاول والشر مقتضى (2) بالعرض وبالقصد الثاني ولست اريد بالقصد ههنا القصد والاختيار اللذين هما من موجبات الكمال و مخصصات الزمان لان ذلك في الحق الاول محال لما سبق ان فيضان الخير منه على سبيل اللزوم، فاذا كان كذلك لزم من ذلك اللزوم ان يكون له مقابل (3) هو اثر لذلك الفيض. و مثاله من المحسوسات الضياء للشمس والظل للشخص.
وهو الموجود المطلق فمنه ما وجوده بغير وسط وهوالعقل الاول الذى وجوده ابداعى و تتلوه العقول الفعالة فذلك السلوك العقلى الاخذ من المبدأ الال (4) و (5) ذلك الاثر الذى هوالمعلول الاول يسمى قصدا اولا وذلك لضرورة الترتيب الحاصل بغير وسط وضيق العبارة عن كنه هذا السلوك والترتيب العقليين (6) وهذا هوالخير المحض الذى لايشوبه شر البتة وهو المراد بالقضاء في لسان الشرع لأنه الحكم الثابت المستمر على سنن واحد وعلى هذا الترتيب ما حصل من العقول التاليين له اولا فاولا.
واما ما بعده (7) عن الفيض وقبول الامر فان الخير فيه غالب من حيث دخوله في الوجود، لكن ذلك الخير الغالب لما كثرت مباديه وتباينت اسبابه لزم من ذلك التباين والكثرة شر ما على سبيل المصادفات وصار للزومه كأنه مقصود ولكنه مقصود ثانيا ليتميز عن الاول هو وسائر المعلولات الصادرة عن العقل الاول الجارية مجرى تفصيل الجملة الواقعة تارة والمرتفعة اخرى، وهو المراد بلفظ القدر، قال الله تعالى: وانزلنا من السماء ماء طهورا لنحيى به بلدة ميتا ونسقيه مما خلقنا انعاما واناسى كثيرا ولكن استقصاء الكائنات وعلى الجملة فجميع ما في الكائنات من الخير لايتأتى بدون الماء ولكن علم قطعا انه اذا وقع فيه ناسك غرق وكذلك النار وما فيها من المنافع واصلاح العالم مع احراقها ما تقارنه وعلى هذا جميع ما في العالم، فاذا قد ثبت ان الخير مقصود بالقصد الاول