إنه لو لم يكن للدين برهان على كونه حقا من عند الله إلا أنه مشروع بليغ لصناعة السلوك البشري على ضوء العقل. لكفاه ذلك برهانا على صحته وأحقيته.
وهاهنا يظهر دور الصلاة في التأثير على السلوك وإبعاده عن الفحشاء والمنكر.
قال أحدهم بصورة عفوية " قبل أن ألتزم بالصلاة كنت أنظر إلى كل شئ باستهتار وبدون تفكير. أما بعد التزامي بالصلاة فقد أصبحت أفكر في الأمور وأتعجب كيف كنت أعيش فيما مضى " ثم أخذ يتحدث عن تغير وضعه النفسي وسلوكه الجنسي.
إن مثل مجموعة الغرائز والمفاهيم التي تحملها نفس الإنسان كمثل مجموعة من الورود والنباتات المفيدة والضارة تحملها مساحة من التربة والصلاة تؤثر منع النباتات الضارة من النمو في صفحة النفس والتحول إلى إحساس فسلوك، وينتج عن ذلك إزالة المانع عن النباتات المفيدة كي تأخذ طريقها في النمو والإثمار، أي أن الصلاة تؤثر بصورة مباشرة على الغرائز والمفاهيم الشريرة فتمنع ضررها وبصورة غير مباشرة على الغرائز والمفاهيم الخيرة إذ تزيل عنها الصعاب.. ونجد تأييد هذا المعنى من حديث الرسول صلى الله عليه وآله الذي مثل الصلاة بنبع معدني يزيل الأدران " أيحب أحدكم أن تكون على باب داره حمة يغتسل منها كل يوم خس مرات ".
ومن ناحية ثانية فإن الصلاة تقوي وتنمي الغرائز والمفاهيم الخيرة النباتات النافعة وينتج عن ذلك منع الغرائز والمفاهيم الضارة من النمو والإثمار السئ فإن المقصود ب " ذكر الله " في الآية هو الصلاة، ومعنى كونه أكبر من الفحشاء والمنكر أنه يعطي للنفس طاقة دفع للميول الخيرة مما يجعل ميول الفحشاء والمنكر تتضاءل وتضعف في جانبها.
وكذلك فإن الملاحظ من عطاء الصلاة في أنفس المصلين هو الدفع الإيجابي لنوازع الخير مما ينتج عنه ردع النوازع المنكرة ومنعها عن النمو