بالأمور المجهولة لأنها غريبة على السلوك الصحيح للناس.
ولا شك أن المنكر بهذا المعنى المصطلح يشمل الفحشاء لأنها قسم مما نهى الله عز وجل فيكون التقابل بينها في الآية من باب تقابل الخاص والعام كما تقول: هذا الدواء ينفع في حالة الإرهاق والتعب، فإن التعب يشمل الإرهاق لأنه حالة من حالات التعب ومع ذلك صح التقابل بالعطف لاعتبار الخصوص والعموم.
وبعد اتضاح معنى الفحشاء والمنكر يتحدد معنى الآية الكريمة (أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) بأن الالتزام بأداء فريضة الصلاة من شأنه أن يبعد الإنسان بالدرجة الأولى عن المحرمات الجنسية كافة، وعن اثنين من أهم المحرمات الخلقية سوء الخلق والبخل وبالدرجة الثانية عن كافة المحرمات التي نهى الله عز وجل عنها المنكرات وقبل أن نتعرف كيف تنهى الصلاة عن الفحشاء والمنكر نجيب على سؤال يوجهه بعض الناس حول الآية ومفاده:
أنا نرى بعض المصلين يرتكبون من الفواحش والمنكرات ما لا يرتكبه بعض تاركي الصلاة! فكيف لا تنهاهم الصلاة عن الفحشاء والمنكر؟
ومنشأ هذا السؤال تصور أن الصلاة كجرعة (الأسبرين) المضادة للصداع فكما أن تناول الأسبرين يزيل الصداع من الرأس فكذلك أداء الصلاة يزيل الفحشاء والمنكر من السلوك. غير أنه من الخطأ إغفال الفارق ما بين العلاجات السلوكية والعلاجات الفسيولوجية مثلا، فإن العلاجات الفسيولوجية تقوم بتفاعلاتها وتؤدي دورها في حقل لا يقع تحت إرادة الإنسان، أما العلاجات السلوكية فإن دورها أن تقدم للإنسان دوافع معينة تجعله يرجح بإرادته لونا من السلوك ويستبعد لونا آخر.
إن الصلاة لا تجعل الإنسان مسلوب الإرادة مجبرا على ترك الفحشاء والمنكر وإلا لما استحق الثواب، بل تهئ في نفسه الدوافع الصالحة التي تدفعه