تحشد طاقاتها للفوز بأكبر كمية من المدليات لكي تسخر لكل ذلك في الدعاية إلى نظامها وعرقها وإقليمها. أما الأخوة الدولية الرياضية فما هي إلا نفاق صريح تحس به أيدي الرياضيين المتشابكة، وحكوماتهم، والواعون من الناس، ويغفل عنه السذج من الجماهير.. ولا أجدني بحاجة إلى التدليل على هذه المشكلة الخطيرة بعد أن سمعت تصريحا (أليما!) لرئيس اللجنة الأولمبية يدعو فيه إلى الحد من استعمال الفوز بالمدليات للدعاية إلى نظام البلد الفائز والحط من أنظمة البلدان الأخرى، ويعلن فيه أن فوز بلد بكمية أكبر من المدليات لا يدل على أفضلية النظام القائم فيه..
والمشكلة الثانية: تحويل الإنسان إلى جسد. فلا خلاف في أن تقييم الإنسان أولا إنما هو بفكره وشعوره وسلوكه وأن جسده ليس أساسا في ميزان إنسانيته.
إن هذا المركب الإنساني من روح وجسد يجب أن ننظر إليه ككيان جسدي وروحي يتكون بالمكونات الثلاثة الآنفة الذكر، أما إذا نظرنا إليه كهيكل جسدي ميكانيكي فقط فقد خرجنا به عن الإنسان الكامل إلى الحيوان القوي الماهر. وهذا ما تفعله الحركة الرياضية العالمية! وهذا هو الشئ الذي يعجب جماهير العالم من الرياضيين فتصفق وتهتف وتصفر!
لا أريد أن أدخل في تحليل نفسي لإعجاب الجماهير الرياضية وحماسها ولكني أسأل: ترى هل كان يختلف هذا الحماس إذا قررت اللجنة الأولمبية استبدال الرياضيين من الناس برياضيين مدربين من الأسود والخيول والأرانب والديكة.؟
سيبقى الحماس، ويبقى كذلك تشجيع الدول وتسخيرها المدليات التي تفوز بها حيواناتها للدعاية إلى نظامها وعنصرها وإقليمها.
ثم ما هو الشئ الذي يعجب الرياضيين من أنفسهم، أهو إنسانيتهم أم أجسادهم؟ لقد حولت الهواية الرياضية هؤلاء المساكين إلى عباد أجساد. إن أنفس الكثيرين منهم تطفح من خلال تصرفاتهم وكلامهم أما الخلق الرياضي والروح الرياضية التي يتمتع بها هؤلاء فهي بالحقيقة النفاق الرياضي،