فيه إيمان ولا كفر شبه المضغة وشبه الثوب الخلق (الكافي ج 2 ص 420 421) ونصوص أخرى تدل على أن حالة الاعياء والفتور هذه عارض طبيعي في حياة النفس البشرية لا تلبث أن تزول فتعود النفس إلى نشاطها.
وأما كسل الانحراف فهو خمول يتخذ صفة النفرة وعدم الانسجام مع نشاطات نافعة، وقد يكون جزئيا فينحصر بالضجر من أعمال معينة كالصلاة وتلاوة القرآن مثلا، وقد يكون كليا فيشمل كافة النشاطات النافعة حيث تصاب النفس بالضجر من جميعها وتتركز رغباتها على نشاطات ضارة أو تافهة.
وغالبا ما يكون كسل الانحراف هذا مستمرا دائما، عكس كسل الإرهاق الذي يكون موقوتا وموجزا في الأكثر.
والانحراف الذي يثمر هذا الكسل يكمن في عمق شخصية الإنسان: في نوعية مواجهته للحياة وأشيائها. فإن مواجهة الناس للحياة تكون تارة بروح جادة، ومسؤولة، وتارة بروح انتهازية غير مسؤولة، وثالثة بقدر ناقص من الجد والمسؤولية.
أما الذي يواجه الحياة بروح جادة مسؤولة أمام الخالق عز وجل فلا يمكن إلا أن يكون حيويا متفاعلا مع الحياة في كل جانب من جوانب سلوكه، فيما يفعل وفيما يرفض.
وأما الذي يواجه الحياة بروح غير مسؤولة كالروح الانتهازية والشهوية روح النفاق فإن هذه الروح بطبيعتها الوصولية ستفرض عليه الممالاة والقيام بأعمال لا يقتنع بها ولا يؤديها إلا أداء شكليا لغرض الوصول إلى مآربه. ولهذا يعجز المنافق مهما أعمل قدرته في التمثيل والتضليل أن يعطي أعماله الخيرة روح الخير كالذي يؤمن بها ويتفاعل معها، فيحدث أن تنعكس روحه المنافقة على القيم التي يتحدث عنها والصلاة التي يصليها والمال الذي ينفقه، وأحيانا يتضح خموله الروحي ونفاقه فتراه يشعر بعمل الخير ضريبة مكروهة يدفع إليها نفسه دفعا، بينما تراه يمارس أعماله النفعية بكل إقبال.