واهتدى إلى السر وانتهى إلى العهد المودع في باطن الأمر وغامض العلم، ومن غمرته الغفلة وشغلته المحنة استحق البعد.
ثم لم يزل ذلك النور ينتقل فينا ويتشعشع في غرايزنا، فنحن أنوار السماوات والأرض وسفن النجاة، وفينا مكنون العلم وإلينا مصير الأمور وبمهدينا تقطع الحجج، فهو خاتم الأئمة ومنقذ الأمة ومنتهى النور وغامض السر، فليهن من استمسك بعروتنا وحشر على محبتنا " (1).
أقول: أخرجه الصفوري مختصرا (2).
وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله): " ما خلق الله خلقا أفضل مني ولا أكرم عليه مني...
والفضل بعدي لك يا علي وللأئمة من بعدك... يا علي لولا نحن ما خلق الله آدم ولا حواء، ولا الجنة ولا النار، ولا السماء ولا الأرض، وكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سبقناهم إلى التوحيد ومعرفة ربنا عز وجل، وتسبيحه وتقديسه وتهليله، لان أول ما خلق الله عز وجل أرواحنا فأنطقنا بتوحيده وتمجيده، ثم خلق الملائكة، فلما شهدوا أرواحنا نورا واحدا استعظموا أمورنا، فسبحنا لتعلم الملائكة أنا خلق مخلوقين، وأنه منزه عن صفاتنا فسبحت الملائكة لتسبيحنا " (3).
وعنه (صلى الله عليه وآله): " ان الله خلقني وخلق عليا وفاطمة والحسن والحسين قبل أن يخلق آدم (عليه السلام) حين لا سماء مبنية، ولا أرض مدحية، ولا ظلمة ولا نور، ولا شمس ولا قمر ولا جنة ولا نار ".
فقال العباس: كيف كان بدء خلقكم يا رسول الله؟
فقال: " يا عم لما أراد الله ان يخلقنا تكلم بكلمة خلق منها نورا، ثم تكلم بكلمة أخرى فخلق منها روحا، ثم مزج النور بالروح، فخلقني وخلق عليا وفاطمة والحسن والحسين، فكنا نسبحه حين لا تسبيح، ونقدسه حين لا تقديس، فلما أراد