هذا كله من التنقيح ص 390، وقال بعد ذلك: مقتضى الروايات الواردة في المقام وإن كان أن حكم الحاكم له الموضوعية التامة في فصل الخصومات والنزاع إلا أن مع التأمل فيها لا يكاد يشك في أن حكم الحاكم غير مغير للواقع عما هو عليه بل الواقع باق بحاله، وحكم الحاكم قد يطابقه وقد يخالفه. كيف و قد صرح بذلك في صحيحة هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إنما أقضي بينكم بالبينات والأيمان وبعضكم ألحن بحجته من بعض فأيما رجل قطعت له من مال أخيه شيئا فإنما قطعت له به قطعة من النار (1). الخبر.
واللحن الميل عن جهة الاستقامة، يقال (لحن فلان في كلامه) إذا مال عن صحيح المنطق، أراد صلى الله عليه وآله وسلم أن بعضكم يكون أعرف بالحجة وأفطن لها من غيره، فلعله يميل عن الاستقامة ويذهب بحق صاحبه (انظر الوافي كتاب القضاء 2 / 137. وزاد في المجمع مادة لحن: في معناه التعريض والتورية، وظاهره استعمال اللحن في المدح والذم، ومنه الخبر (اقرأوا القرآن بلحون العرب).
قال في التنقيح ص 391 بعد نقل الخبر: فإنها صريحة كما ترى في أن القضاء غير مبدل للواقع وأن من حكم له الحاكم بشئ إذا علم أن الواقع خلافه لم يجز له أخذه - إلى أن قال - سواء علمنا الخلاف بالوجدان أم بالتعبد، فإذا ترافعا في صحة بيع وفساده وادعى أحدهما أنه مائع متنجس لملاقاته العصير قبل ذهاب ثلثيه أو لاقى عرق الجنب عن الحرام والحجة قامت عنده