الإمام الحسين في أحاديث الفريقين - السيد علي الأبطحي - ج ٢ - الصفحة ١٩٩
أما في الأتباع مؤمن؟ قال: لا تصيب [تعيب - المصدر] اللعنة مؤمنا من الأتباع، وأما القادة فليس فيهم مؤمن ولا مجيب ولا ناج.
والسابع: يوم الثنية يوم شد على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اثنا عشر رجلا سبعة منهم من بني أمية وخمسة من سائر قريش فلعن الله تبارك وتعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) من حل الثنية غير النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وسائقه وقائده.
ثم أنشدكم بالله هل تعلمون أن أبا سفيان دخل على عثمان حين بويع في مسجدرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا ابن أخي هل علينا من عين؟ فقال: لا، فقال أبو سفيان: تداولوا الخلافة [يا] فتيان بني أمية فوالذي نفس أبي سفيان بيده ما من جنة ولا نار.
وأنشدكم بالله أتعلمون أن أبا سفيان أخذ بيد الحسين (عليه السلام) حين بويع عثمان وقال: يا ابن أخي أخرج معي إلى بقيع الغرقد فخرج حتى إذا توسط القبور اجتره فصاح بأعلى صوته: يا أهل القبور، الذي تقاتلوننا عليه صار بأيدينا وأنتم رميم، فقال الحسين بن علي (عليهما السلام): قبح الله شيبتك وقبح وجهك، ثم نتر يده وتركه فلولا النعمان بن بشير أخذ بيده ورده إلى المدينة لهلك، فهذا لك يا معاوية فهل تستطيع أن ترد علينا شيئا.
ومن لعنتك يا معاوية إن أباك أبا سفيان كان يهم أن يسلم، فبعثت إليه بشعر معروف مروي في قريش عندهم [وغيرهم - المصدر] تنهاه عن الإسلام وتصده.
ومنها إن عمر بن الخطاب ولاك الشام فخنت به، وولاك عثمان فتربصت به ريب المنون، ثم أعظم من ذلك [جرأتك على الله ورسوله] إنك قاتلت عليا صلوات الله عليه وقد عرفته وعرفت سوابقه وفضله وعلمه، على أمر هو أولى به منك ومن غيرك عند الله وعند الناس ولا دينة بل أوطأت الناس عشوة، وأرقت دماء خلق من خلق الله بخدعك وكيدك وتمويهك، فعل من لا يؤمن بالمعاد، ولا يخشى العقاب، فلما بلغ الكتاب أجله، صرت إلى شر مثوى، وعلي إلى خير منقلب، والله لك بالمرصاد.
فهذا لك يا معاوية خاصة، وما أمسكت عنه من مساويك وعيوبك فقد كرهت به التطويل.
وأما أنت يا عمرو بن عثمان فلم تك للجواب حقيقا لحمقك إن تتبع هذه الأمور، فإنما مثلك مثل البعوضة إذ قالت للنخلة: استمسكي فإني أريد أن أنزل عنك، فقال لها النخلة: ما شعرت بوقوعك، فكيف يشق علي نزولك؟! وإني والله ما شعرت أن تحسن [تحس - المصدر] أن تعادي لي فيشق علي ذلك وإني لمجيبك في الذي قلت:
إن سبك عليا أينقص في حسبه؟! أو بباعدة [يباعده - المصدر، تباعده - بحار الأنوار] من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟! أو بسوء بلائه في الإسلام؟! أو بجور في حكم، أو رغبة في الدنيا؟! فإن قلت واحدة منها فقد كذبت، وأما قولك: إن لكم فينا تسعة عشر دما بقتلي مشركي بني أمية ببدر، فإن الله ورسوله قتلهم، ولعمري ليقتلن من بني هاشم تسعة عشر وثلاثة بعد تسعة عشر ثم يقتل من بني أمية تسعة عشر وتسعة عشر في موطن واحد سوى ما قتل من بني أمية لا يحصى عددهم إلا الله.
وأن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إذا بلغ ولد الوزغ ثلاثين رجلا، أخذوا مال الله بينهم دولا، وعباده خولا، وكتابه دغلا، فإذا بلغوا ثلاث مأة وعشرا حقت عليهم اللعنة ولهم، فإذا بلغوا أربع مأة وخمسة وسبعين كان هلاكهم أسرع من لوك ثمرة، فأقبل الحكم بن أبي العاص وهم في ذلك الذكر والكلام، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): اخفضوا أصواتكم فإن الوزغ يسمع، وذلك حين رآهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن يملك بعده منهم أمر هذه الأمة يعني في المنام، فسائه ذلك، وشق عليه، فأنزل الله عز وجل في كتابه {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن} [الإسراء (١٧): ٦٠] يعني بني أمية وأنزل أيضا {ليلة القدر خير من ألف شهر} [القدر (٩٧): ٣] فأشهد لكم وأشهد عليكم ما سلطانكم بعد قتل علي إلا ألف شهر التي أجلها الله عز وجل في كتابه.
وأما أنت يا عمرو بن العاص الشاني، اللعين الأبتر فإنما أنت كلب، أول أمرك إن أمك لبغية، وإنك ولدت على فراش مشترك، فتحاكمت فيك رجال قريش منهم أبو سفيان بن حرب، والوليد بن المغيرة وعثمان بن الحارث والنضر بن الحارث بن كلدة والعاص بن وائل كلهم يزعم أنك ابنه، فغلبهم عليك من بين القريش ألأمهم حسبا، وأخبثهم منصبا، وأعظمهم بغية.
ثم قمت خطيبا وقلت: أنا شانئ محمد، وقال العاص بن وائل: أن محمدا رجل أبتر لا ولد له، فلو قد مات انقطع ذكره، فأنزل الله تبارك وتعالى: {إن شانئك هو الأبتر} [الكوثر (١٠٨):
٣] فكانت أمك تمشي إلى عبد قيس لطلب [تطلب - المصدر، لتطلب - البحار] البغية، تأتيهم في دورهم ورحالهم وبطون أوديتهم، ثم كنت في كل مشهد يشهده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من عدوه أشدهم له عداوة وأشدهم له تكذيبا... إلى آخر الحديث [الإحتجاج: ١ / ٤٠١، بحار الأنوار: ٤٤ / 70، عوالم العلوم: 16 / 201 - 216].