حسن ويا حسين عليكما السلام ما تريدان تصنعان بي؟ قالا له: نريد قتلك كما قتلت سيدنا ومولانا، فقال لهما: اصنعا ما شئتما أن تصنعا، ولا تعنفا من استزله الشيطان فصده عن السبيل، ولقد زجرت نفسي فلم تنزجر! ونهيتها فلم تنته!
فدعها تذوق وبال أمرها ولها عذاب شديد، ثم بكى، فقال له: يا ويلك ما هذه الرقة؟ أين كانت حين وضعت قدمك وركبت خطيئتك؟ فقال ابن ملجم لعنه الله:
{استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون} ولقد انقضى التوبيخ والمعايرة، وإنما قتلت أباك وحصلت بين يديك، فاصنع ما شئت وخذ بحقك مني كيف شئت، ثم برك على ركبتيه وقال:
يا بن رسول الله الحمد لله الذي أجرى قتلي على يديك، فرق له الحسن (عليه السلام) لأن قلبه كان رحيما صلى الله عليه فقام الحسن (عليه السلام) وأخذ السيف بيده وجرده من غمده فهز به (1) حتى لاح الموت في حده ثم ضربه ضربة أدار بها عنقه فاشتد زحام الناس عليه، وعلت أصواتهم، فلم يتمكن من فتح باعه فارتفع السيف إلى باعه فأبرأه فانقلب عدو الله على قفاه يحور في دمه، فقام الحسين (عليه السلام) إلى أخيه وقال: يا أخي أليس الأب واحدا والأم واحدة ولي نصيب في هذه الضربة ولي في قتله حق فدعني اضربه ضربة أشفي بها بعض ما أجده، فناوله الحسن (عليه السلام) السيف فأخذه وهزه وضربه على الضربة التي ضربه الحسن (عليه السلام) فبلغ إلى طرف أنفه، وقطع جانبه الآخر، وابتدره الناس بعد ذلك بأسيافهم، فقطعوه إربا إربا - وعجل الله بروحه إلى النار وبئس القرار - ثم جمعوا جثته وأخرجوه من المسجد، وجمعوا له حطبا وأحرقوه بالنار، وقيل: طرحوه في حفرة وطموه بالتراب، وهو يعوي كعوي الكلاب في حفرته إلى يوم القيامة.