السرير من مقابل باب كندة، فحملا مؤخره وسارا يتبعان مقدمه.
قال ابن الحنفية - (رضي الله عنه): والله لقد نظرت إلى السرير وإنه ليمر بالحيطان والنخل فتنحني له خشوعا، ومضى مستقيما إلى النجف إلى موضع قبره الآن.
قال: وضجت الكوفة بالبكاء والنحيب، وخرجن النساء يتبعنه لاطمات حاصرات، فمنعهم الحسن (عليه السلام) ونهاهم عن البكاء والعويل وردهن إلى أماكنهن.
والحسين (عليه السلام) يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم إنا لله وإنا إليه راجعون يا أباه وا انقطاع ظهره من أجلك تعلمت البكاء إلى الله المشتكى.
فلما انتهيا إلى قبره وإذا مقدم السرير قد وضع، فوضع الحسن (عليه السلام) مؤخره ثم قام الحسن (عليه السلام) وصلى عليه والجماعة خلفه، فكبر سبعا كما أمره أبوه (عليه السلام) ثم زحزحنا سريره وكشفنا التراب وإذا نحن بقبر محفور ولحد مشقوق وساجة منقورة مكتوب عليها: " هذا ما ادخره له جده نوح النبي للعبد الصالح الطاهر المطهر " فلما أرادوا نزوله سمعوا هاتفا يقول: انزلوه إلى التربة الطاهرة، فقد اشتاق الحبيب إلى الحبيب، فدهش الناس عند ذلك وتحيروا، والحد أمير المؤمنين (عليه السلام) قبل طلوع الفجر (1).
5 - البرسي عن محدثي أهل الكوفة أن أمير المؤمنين (عليه السلام) لما حمله الحسن والحسين (عليهما السلام) على سريره إلى مكان البئر المختلف فيه إلى نجف الكوفة وجدوا فارسا يتضوع منه رائحة المسك فسلم عليهما ثم قال للحسن (عليه السلام): أنت الحسن بن علي رضيع الوحي والتنزيل وفطيم العلم والشرف الجليل خليفة أمير المؤمنين وسيد الوصيين؟ قال: نعم، قال: وهذا الحسين بن أمير المؤمنين وسيد الوصيين سبط الرحمة ورضيع العصمة وربيب الحكمة ووالد الأئمة؟ قال: نعم، قال: سلماه إلي وامضيا في دعة الله، فقال له الحسن (عليه السلام): إنه أوصى إلينا أن لا نسلم إلا إلى أحد