من بني أمية، فإنهم لو علموا بموضع قبره لحفروه وأخرجوه وأحرقوه كما فعلوا بزيد بن علي ابن الحسين (عليه السلام) - ثم قال: يا بني بعد ذلك إذا أصبح الصباح أخرجوا تابوتا إلى ظهر الكوفة (1) على ناقة وأمر بمن يسيرها بما عليها كأنها تريد المدينة، بحيث يخفى على العامة موضع قبري الذي تضعني فيه، وكأني بكم وقد خرجت عليكم الفتن من هيهنا وهيهنا فعليكم بالصبر فهو محمود العاقبة.
ثم قال: يا أبا محمد ويا أبا عبد الله كأني بكما وقد خرجت عليكما من بعدي الفتن من هيهنا، فاصبرا حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين.
ثم قال: يا أبا عبد الله أنت شهيد هذه الأمة، فعليك بتقوى الله والصبر على بلائه، ثم أغمي عليه ساعة وأفاق وقال: هذا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعمي حمزة وأخي جعفر وأصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكلهم يقولون: عجل قدومك علينا فإنا إليك مشتاقون، ثم أدار عينيه في أهل بيته كلهم وقال: أستودعكم الله جميعا سددكم الله جميعا حفظكم الله جميعا، خليفتي عليكم الله وكفى بالله خليفة.
ثم قال: وعليكم السلام يا رسل ربي، ثم قال: " لمثل هذا فليعمل العاملون إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون " وعرق جبينه وهو يذكر الله كثيرا، وما زال يذكر الله كثيرا ويتشهد الشهادتين، ثم استقبل القبلة وغمض عينيه ومد رجليه ويديه وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ثم قضى نحبه (عليه السلام) وكانت وفاته في ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان وكانت ليلة الجمعة سنة أربعين من الهجرة.
قال: فعند ذلك صرخت زينب... (2).