أبو عبد الله. فضرب كتفه كتف أبي عبد الله، فقال له أبو عبد الله: فمن هذا الملك الذي أنت عبده؟ من ملوك الأرض أو من ملوك السماء؟ وأخبرني عن ابنك عبد إلاه السماء أم عبد إلاه الأرض؟ قل ما شئت تخصم. إذا فرغت من الطواف فائتنا.
فلما فرغ أتاه الزنديق فقعد بين يديه. قال أبو عبد الله: أيها الرجل ليس لمن لا يعلم حجة على من يعلم ولا حجة للجاهل. يا أخا مصر إن الذين يذهبون إليه ويظنون أنه الدهر، إن كان الدهر يذهب بهم لم لا يردهم؟ وإن كان يردهم لم لا يذهب بهم؟ يا أخا مصر لم السماء مرفوعة والأرض موضوعة؟ لم لا تنحدر السماء على الأرض؟
لم لا تنحدر الأرض فوق طبقاتها؟ ولا يتماسكان ولا يتماسك من عليها؟
قال الزنديق: أمسكهما الله ربهما وسيدهما. فآمن الزنديق.
وقال في ص 184:
ولقد يفد على المجلس الكميت شاعر أهل البيت كما كان يدخل على زين العابدين والإمام يعرف انبعاث الشاعر ويخشى عليه من الخيال الصادق في تصوير ظلم يعانيه أهل البيت. وشعر الكميت من أسير الشعر في الأدب العربي - والبرد تنقل للخليفة الخبء من أي شئ - فيستأذن الكميت الإمام قائلا: جعلت فداك ألا أنشدك؟ فينبهه الإمام قائلا: إنها أيام عظام.
فيقول الكميت عن القصيدة: إنها فيكم. ويقول الإمام: هات فينشده قصيدته التي مطلعها:
ألا هل عم في رأيه متأمل * وهل مدبر بعد الإساءة مقبل إلى أن قال:
كلام النبيين الهداة كلامنا * وأفعال أهل الجاهلية تفعل رضينا بدنيا لا نريد فراقها * على أننا فيها نموت ونقتل ونحن بها مستمسكون كأنها * لنا جنة مما نخاف ونعقل