للإمام الصادق قد سربلت بالمجد فقه المذاهب الأربعة لأهل السنة، أما الإمام الصادق فمجده لا يقبل الزيادة ولا النقصان. فالإمام مبلغ للناس كافة علم جده عليه الصلاة والسلام، والإمامة مرتبته. وتلمذة أئمة السنة له تشوف منهم لمقاربة صاحب المرتبة.
لقد يجئ للمناظرة عمرو بن عبيد (144) زعيم المعتزلة، الذي لم يضحك أبو حنيفة طول حياته بعد أن قال له عمرو إذ ضحك مرة في إبان مناظرته: يا فتى تتكلم في مسألة من مسائل العلم وتضحك؟ والذي يبلغ من وقاره أن يراه الرائي فيحسبه أقبل من دفن والديه. فإذا انتهى الكلام قال عمرو للإمام: هلك من سلبكم تراثكم ونازعكم في الفضل والعلم.
ويجئ إمام خراسان عبد الله بن المبارك وهو إمام فقه وبطل معارك. تلمذ للإمام زمانا، ولأبي حنيفة، فتعلم ما جعله يخفي بطولاته في الفتوح " لأن من صنعها لأجله سبحانه مطلع عليها ". وفي الإمام جعفر شعره الذي ورد فيه:
أنت يا جعفر فوق * المدح والمدح عناء إنما الأشراف أرض * ولهم أنت سماء جاز حد المدح من * قد ولدته الأنبياء فإذا كان الصادق في مواجهة مع المنصور، حيث القواد والعلماء يجلسون على مبعدة منه، فإن مجلس الإمام عن يمينه حتى ولو دعاه يخوفه، فلقد طالما انتهت اللقاءات بالموعظة يلقيها الإمام من حديث رسول الله، ولحديث رسول الله شرف المجلس، ولابن رسول الله شرف من رسول الله.
ولو جلس الصادق على مبعدة أو مقربة من الخليفة، لكان الشرف حيث يجلس، وربما قربه الخليفة ليلتمس لنفسه القربى إلى الناس في الدنيا، ويوم لا تملك نفس لنفس شيئا، وعندما تلتمس الشفاعة.
وأبو جعفر المنصور يقر بمكانه من العلم والتقوى مع ضيق صدره بمكانته في الأمة. يقول: هذا الشجي المعترض في حلقي أعلم أهل زمانه وإنه ممن يريد الآخرة