فهذا إمام تنتهي إمامته يعهد لإمام تبدأ أيامه فينبهه والناس على حقهم في شفاعة أهل البيت، وواجبهم لينالوها بإقامة عمود الدين.
وتضيف مولاته سالمة ساعة الموت حسنات فتقول: غمي عليه، فلما أفاق قال:
أعطوا الحسن بن علي (بن علي بن الحسين) سبعين دينارا، وأعطوا فلانا كذا، وفلانا كذا. قلت: أتعطي رجلا حمل عليك بالشفرة يريد أن يقتلك؟ قال: أتريدون ألا أكون من الذين قال عنهم الله عز وجل (والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب)؟ نعم يا سالمة، إن الله خلق الجنة وطيب ريحها ولا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحم.
أجل، كان الإمام قطعة من صميم الاسلام، جده عليه الصلاة والسلام خلقه القرآن، أما هو فخلقه سنة جده، وجده يعلن سنته حيث يقول: أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح.
ويقول: إن أول الواجبات في المال بعد الزكاة بر الرحم إذا أدبرت.
فالإمام في ساعة الموت يوصي لمن يليه، ويذكر الشفاعة والصلاة وصلة الرحم وهو يريح رائحة الجنة.
وأبو جعفر ليس الرجل الذي ينتظر حتى ينكشف له أمر فيه غرر بل هو يبتدر الخطر.
قال أبو أيوب الجوزي: بعث إلي أبو جعفر المنصور في جوف الليل، فدخلت عليه وهو جالس على الكرسي وبين يديه شمعة، وفي يده كتاب. فلما سلمت عليه رمى الكتاب إلي، وهو يبكي، وقال: هذا ابن سليمان (والي المدينة) يخبرنا أن جعفر بن محمد قد مات، فإنا لله وإنا إليه راجعون. قالها ثلاثا. ثم قال: وأين مثل جعفر؟ ثم قال:
اكتب. فكتبت صدر الكتاب. ثم قال: اكتب إن كان قد أوصى إلى رجل يعينه فقدمه واضرب عنقه.
هكذا يأمر بقتل من يجهله، ويحرمه حق المحاكمة لمجرد أن من فحوى الوصية