فالأمة القوية لا تظلم حكامها ولا يظلمونها.
وبشعار الثقة بالله سبحانه (الله وليي وعصمتي من خلقه) وبنقش الخاتم الذي يعلن مصدر قوته (ما شاء الله لا قوة إلا بالله أستغفر الله) قصد إلى مجلس العلم، في مسجد النبي أو في داره، يستعمل البعد المكاني، حيث يجلس للتعليم في مدينة الرسول، والبعد الزماني، فهو تابعي يعيش في جيل التابعين وتابعي التابعين، والبعد الثالث وهو ارتفاع نسبه إلى النبي وعلي.
أما البعد الرابع فعمق علمه وعلم أبيه وجده.
في هذا المجلس المهيب بالمدينة أو بالكوفة يجلس رجل ربعة. ليس بالطويل ولا بالقصير، أزهر له لمعان كالسراج، يسعى نوره بين يديه، رقيق البشرة، أسود الشعر جعده، أشم الأنف، أنزع قد انحسر الشعر عن جبينه فبدا مزهرا، له إشراق، وعلى خده خال أسود، المسلمون أيامئذ أحوج إليه ليعلمهم، منهم إليه ليحكمهم.. كل ما يحيطه يوحى بالرجاء في فضل الله. فلما طعن في السن زاد جلالا وسناء وإحياء للأمل.
يلبس الملابس التي عناها جده عليه الصلاة والسلام حينما قال: كلوا واشربوا والبسوا في غير سرف لا مخيلة.
رآه سفيان الثوري وعليه جبة خز دكناء فقال: يا بن رسول الله ما هذا لباسك.
فقال: يا ثوري لبسنا هذا لله، ثم كشف عن جبة صوف يلبسها، وقال: ولبسنا هذا لكم.
كان جده علي يختار الخشن من الألبسة ويلح الجوع عليه فيعلل معدته بقرص شعير، يخيط نعله إن لم يكن مشغولا، أو يتركه لمن يخيطه بأجر إذا انشغل. لكن الزمان يتغير فيغير الصادق ليظهر أثر النعمة. ويقول للناس: إذا أنعم الله على عبده بنعمة أحب أن يراها عليه لأن الله جميل يحب الجمال.
ويقول: إن الله يحب الجمال والتجمل، ويكره البؤس والتباؤس.
والنظافة من الإيمان، فيها الكرامة والسلامة للنفس وللأسرة وللمدينة فعلى المرء كما يقول الإمام: أن ينظف ثوبه ويطيب ريحه ويجصص داره ويكنس أفنيته.