الشيخ الجالس.
ويذهب ابن أبي العوجاء ليناظره فتعتريه سكتة. فيسأله الإمام: ما يمنعك من الكلام؟ فيقول: إجلالا لك ومهابة منك، وما ينطق لساني بين يديك، فإني شاهدت العلماء وناظرت المتكلمين فما تداخلني من هيبة أحد منهم ما تداخلني من هيبتك.
رآه الإمام مرة بالحرم فقال له: ما جاء بك؟ قال: عادة الجسد وسنة البلد. ولنبصر ما الناس فيه من الجنون والحلق ورمي الحجارة. قال الصادق: أنت بعد على عتوك وضلالك يا عبد الكريم؟ فذهب يتكلم. فقال الإمام: لا جدال في الحج، ونفض رداءه من يده وقال: إن يكن الأمر كما تقول وليس كما نقول نجونا ونجوت. وإن يكن الأمر كما نقول وليس كما تقول نجونا وهلكت. وأي صبر في حرية الفكر كمثل هذا الصبر من الإمام الصادق؟ وحيث تؤدى المناسك.
وإنما ترك الإمام رجلا ملحدا سيقتل بع في إلحاده سنة 161.
وإذا لم يأخذ الملحدين بالشدة، فتحا لأبواب الهداية لهم، فهو صارم في صدد المغالين في علي، أو فيه، ليكفهم عن غلوائهم. ومنهم بيان بن سمعان التميمي. كان يعتقد ألوهية علي والحسن والحسين ثم محمد بن الحنيفة، ثم ابنه أبي هاشم. بل زعموا أنه قال: إنه - بيانا - المراد بقوله تعالى (هذا بيان للناس). وادعى المغيرة بن سعيد الانتماء إلى الباقر، وصار يؤله عليا ثم جعفر الصادق، ويكفر أبا بكر وعمرو من لم يوال عليا.
وكذلك كان بشار الشعيري.
يقول جعفر الصادق لمرازم: تقربوا إلى الله فإنكم فساق كفار مشركون. ويقول له:
إذا قدمت الكوفة فأت بشار الشعيري وقل له يا كافر يا فاسق أنا برئ منك.
دخل عليه بشار يوما فصاح به: أخرج عني لعنك الله، والله لا يظلني وإياك سقف أبدا. فلما خرج قال: ويحه. ما صغر الله أحد تصغير هذا الفاجر. والله إني عبد الله وابن أمته.