الكوفة - لم يتردد الإمام في دفعه بالحسنى.
ذهب إليه ذات يوم يسأله عن القسامة في الدم فأجابه بما صنع النبي. فقال ابن شبرمة: أرأيت لو أن النبي لم يصنع هذا، كيف كان القول فيه؟ فأجابه: أما ما صنع النبي فقد أخبرتك به، وأما ما لم يصنع فلا علم لي به.
والصادق عليم بالاختلاف بين آراء الفقهاء، أي بعلم المدينة وعلم الشام وعلم الكوفة، وهو يروي عشرات الآلاف من الأحاديث، في حين كانت قلة ما سلمه أهل العراق من الحديث آفة علمائه، حتى صوبهم.
إلى أن قال في ص 163:
والحسن بن زياد اللؤلؤي يعلن رأي صاحبه في إحاطة الإمام الصادق فيقول:
سمعت أبا حنيفة وقد سئل من أفقه الناس ممن رأيت. فقال: جعفر بن محمد.
ولما استفتى أبو حنيفة في رجل أوصى للإمام، بإطلاق الوصف، قال: إنها لجعفر ابن محمد. فهذا إعلان لتفرده بالإمامة في عصره.
ولم تكن السنتان اللتان حيى بسببهما النعمان بن ثابت أبو حنيفة ولم يهلك، إلا تكملة لسنين سابقة كان يتدارس فيها فقه الشيعة، ومن ذلك كان يشد أزر زيد بن علي في خروجه على هشام بن عبد الملك. وقيل مال إلى محمد وإبراهيم ولدي عبد الله بن الحسن في خروجهما على المنصور، وأن قد جاءته امرأة تقول: إن ابنها يريد الخروج مع هذا الرجل في إبان خروج إبراهيم وأنا أمنعه. فقال لها: لا تمنعيه.
ويروي أبو الفرج الأصفهاني عن أبي إسحق الفزاري: جئت إلى أبي حنيفة فقلت له: أما اتقيت الله. أفتيت أخي بالخروج مع إبراهيم حتى قتل! فقال: قتل أخيك حيث قتل، يعدل قتله لو قتل يوم بدر، وشهادته مع إبراهيم خير له من الحياة.
ولئن كان مجدا لمالك أن يكون أكبر أشياخ الشافعي، أو مجدا للشافعي أن يكون أكبر أساتذة ابن حنبل، أو مجدا للتلميذين أن يتلمذا لشيخيهما هذين، إن التلمذة