كسفيان مكانة في المسلمين: منهم عمرو بن عبيد الذي نشأت على يديه فرقة المعتزلة وأبو حنيفة ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ترب أبي حنيفة، وإمام المدينة مالك بن أنس.
وأبو حنيفة هو الإمام الأعظم لأهل السنة ومالك أكبر من تلقى عليه الشافعي علما وأطولهم في تعليمه زمانا، والشافعي شيخ أحمد بن حنبل.
وكمثلهم كان المحدثون العظماء: يحيى بن سعيد محدث المدينة وابن جريج وابن عيينة محدثا مكة، وابن عيينة هو المعلم الأول للشافعي في الحديث.
فلندع للأئمة وصف مكانهم من الإمام وفيه وصف مجالس علمه:
يقول مالك بن أنس: كنت أرى جعفر بن محمد، وكان كثير الدعابة والتبسم، فإذا ذكر عنده النبي اخضر واصفر. ولقد اختلفت إليه زمانا فما كنت أراه إلا على ثلاث خصال: إما مصليا وإما قائما وإما يقرأ القرآن. وما رأيته يحدث عن رسول الله إلا على الطهارة، ولا يتكلم فيما لا يعنيه. وكان من العلماء والعباد والزهاد الذين يخشون الله، وما رأيته قط إلا ويخرج وسادة من تحته ويجعلها تحتي.
وفي مقولة أخرى يضيف مالك - وكان كثير الحديث، طيب المجالسة، كثير الفوائد - إذا قال: قال رسول الله، اخضر مرة واصفر أخرى حتى ينكره من يعرفه، ولقد حججت معه سنة فلما استوت به راحلته عند الاحرام، كلما هم بالتلبية انقطع الصوت في حلقه، وكاد أن يخر عن راحلته، فقلت: يا بن رسول الله أو لا بد بك أن تقول! قال: كيف أجرؤ أن أقول لبيك وأخشى أن يقول الله عز وجل: لا لبيك ولا سعديك.
وإنا لنذكر ما كان يصنعه جده زين العابدين في هذا المقام.
إلى أن قال:
إنما كان مالك يجد ريح الرسول في مجلس ابن بنته ويحس، أو يكاد يلمس شيئا