فقه عراقي فيه بخل.
ففقه الإمام علوي يبدأ بالعطاء وعملي فيه مبادرة واجتماعي يسعى به المعطي إلى الآخذ، وإسلامي، إنساني، كله كرامة.
لقد ولد في دار شعارها البدار بالعطاء مع الاخفاء حتى الصدقة، يقول فيها الباقر:
أعط ولا تسم ولا تذل المؤمن.
وفي ذلك السنة.. وسنرى تطبيقات شتى من الإمام لهذا الفقه في المنهج الاقتصادي.
5 - وصحا رجل من الحاج فلم يجد هميانه - الكمر الذي يلفه المحرم حول بطنه وفيه نفقته من النقود - فخرج فوجد الإمام الصادق يصلي فتعلق به وهو يقول: أنت أخذت همياني.
قال الصادق: كم كان فيه؟ قال: ألف دينار. فأعطاه ألف دينار.
ومضى الرجل فوجد هميانه فرجع يعتذر ويرد ألف دينار، فأبى الصادق أن يأخذها وقال: شئ خرج من يدي فلا يعود.
قال الرجل لمن حوله: من هذا؟
قالوا: جعفر الصادق. قال: لا جرم هذا فعال مثله.
فإمام المسلمين لا ينعزل عنهم، فلا ينماز منهم، حتى ليخطئ الجاهلون منهم في شخصه فيعرض عن الجاهلين ويخف ليخفف كرب المكروب، لا يحزنه وهمه أو اتهامه، وإنما تحزنه همومه، فيشركه فيها بالصنيع النابه مرة إثر أخرى.
والناس أسمع للصوت الذي لا صرير له، وأبصر بالاخلاص الذي لا يتصايح صاحبه به. والأفضال أفعال تدرك آثارها الحواس الخمسة.
ولا نستطرد في السرد. ففي كل واقعة سلفت عدسة صغيرة تريك العالم الكبير الذي وراءها من مناقب كالنجوم وإن كان أصحابها من البشر.
هذه سماء تسعى على الأرض، وهؤلاء بقية النبي عليه الصلاة والسلام يعيشون