الذايع وورعه الظاهر الشايع وزهده الخالص النافع وتخليته من الدنيا وتفرده عن الناس، وقد استبان له ما لم تزل الأخبار عليه مطبقة والألسن عليه متفقة والكلمة فيه جامعة والأخبار واسعة، ولما لم نزل نعرفه من الفضل يافعا وناشئا وحدثا وكهلا، فلذلك عقد بالعهد والخلافة من بعده واثقا بخيرة الله تعالى في ذلك إذا علم الله تعالى أنه فعله إيثارا له وللدين ونظرا للاسلام وطلبا للسلامة وثبات الحجة والنجاة في اليوم الذي يقوم الناس فيه لرب العالمين.
دعا أمير المؤمنين ولده وأهل بيته وخاصته وقواده وخدمه فبايعه الكل مطيعين مسارعين مسرورين عالمين بإيثار أمير المؤمنين طاعته على الهوى في ولده وغيره ممن هو أشبك رحما وأقرب قرابة وسماه الرضا إذ كان رضيا عند الله تعالى وعند الناس وقد أثر طاعة الله والنظر لنفسه وللمسلمين والحمد لله رب العالمين وكتب بيده في يوم الاثنين لسبع خلون من شهر رمضان سنة إحدى ومأتين.
وهذه صورة ما على ظهر العهد مكتوبا بخط الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام من غير اختصار:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الفعال لما يشاء لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وصلواته على نبيه محمد خاتم النبيين وآله الطيبين الطاهرين.
أقول وأنا علي بن موسى بن جعفر: إن أمير المؤمنين عضده الله بالسداد ووفقه للرشاد، عرف من حقنا ما جهله غيره فوصل أرحاما قطعت وأمن نفوسا فزعت بل أحياها بعد أن كانت من الحياة أيست فأغناها بعد فقرها وعرفها بعد نكرها مبتغيا بذلك رضى لرب العالمين لا يريد جزاء من غيره وسيجزي الله الشاكرين ولا يضيع أجر المحسنين.
وأنه جعل إلي عهده والأمرة الكبرى إن بقيت بعده، فمن حل عقدة أمر الله بشدها أو قصم عروة أحب الله اتساقها فقد أباح الله حريمه وأحل محرمه إذ