وعثاء السفر، فينيخ راحلته وينزل عنها فيصلي علي وصلوا معه علي فإذا فرغتم من الصلاة على وحملتموني إلى مدفني الذي عينته لك فاحفر سيئا يسيرا من وجه الأرض تجد قبرا مطبقا معمورا في قعره ماء أبيض إذا كشفت عنه الطبقات نضب الماء فهذا مدفني فادفنوني فيه، والله والله يا هرثمة أن تخبر بهذا أو بشئ منه قبل موتي قال هرثمة فوالله ما طالت الأناة حتى أكل الرضا عند الخليفة عنبا ورمانا مفتوتا فمات... (إلى أن قال).
قال هرثمة: فدخلت على عبد الله المأمون لما رفع إليه موت أبي الحسن الرضا فوجدت المنديل في يده، وهو يبكي عليه فقلت: يا أمير المؤمنين ثم كلام أتأذن لي أن أقوله لك؟.
قال: قل قلت: إن الرضا أسر إلي في حياته بأمر وعاهدني أن لا أبوح به لأحد إلا لك عند موته وقصصت عليه القصة التي قالها لي من أولها إلى آخرها وهو متعجب من ذلك ثم أمر بتجهيزه وخرجنا بجنازته إلى المصلى وتأنينا بالصلاة عليه قليلا فإذا بالرجل قد أقبل على بعير من جهة الصحراء كما قال ونزل ولم يكلم أحدا فصلى عليه وصلى الناس معه وأمر الخليفة بطلب الرجل فلم يروا له أثرا ولا لبعيره.
ثم إن الخليفة قال: نحفر له من خلف قبر الرشيد، فقلت له يا أمير المؤمنين ألم نخبرك بمقالته قال نريد ننظر إلى ما قلته فعجز الحافرون فكانت الأرض أصلب من الصخر الصوان وعجزوا عن حفرها وتعجب الحاضرون عن ذلك.
وتبين للمأمون صدق ما قلته له عنه فقال: أرني الموضع الذي أشار إليه فجئت بهم إليه فما كان إلا أن كشف التراب عن وجه الأرض فظهرت الأطباق فرفعناها فظهر من تحتها قبر معمول وإذا في قعره ماء أبيض وعلمت الخليفة فحفروا قبره على الصفة التي ذكرتها له وأشرف عليه المأمون وأبصره، ثم إن ذلك الماء