فليست الحركة الموضوعية للشيء المحسوس كحركة المطرقة، وليس الاحساس تحويلا لتلك الحركة الموضوعية - التي هي كيفية وجود المادة - إلى حركة نفسية، كما تتحول حركة المطرقة إلى حرارة، والا لكان الاحساس عملية تبديل للمادة إلى فكرة كما تتبدل الحركة الآلية إلى حرارة.
وعلى هذا فليست مسألة الادراك مسألة تحول الحركة الفيزيائية إلى حركة نفسية، الذي هو بعينه عبارة عن تحول الواقع الموضوعي إلى فكرة، بل يوجد للشيء المحسوس والمدرك واقع موضوعي وللاحساس وجود آخر في نفوسنا، ما دام هناك وجودان وجود ذاتي للاحساس أو الفكر، ووجود موضوعي للشيء المحسوس، فلا نستطيع ان نفهم الصلة بين هذين الوجودين الا كما نفهم الصلة بين سبب ونتيجة، وكما نفهم العلاقة بين واقع وصورة منعكسة عنه، ونواجه عند هذا بكل وضوح المسألة الأساسية التي نحن بصددها، وهي: ان الفكرة ما دامت نتيجة للشيء الموضوعي، وما دامت العلاقة المفهومة بينهما هي علاقة السببية، فلماذا يجب ان نفترض ان هذه النتيجة وسببها يختلفان عن سائر النتائج وأسبابها ويمتازان عليها بخاصة وهي ان النتيجة تصور لها سببها وتعكسه انعاكسا تاما؟
فهناك كثير من الوظائف الفيزيولوجية هي نتائج أسباب خارجية معينة، ولم نجد في واحدة من النتائج القدرة على تصوير سببها، وانما تدل دلالة غامضة على وجود أسباب لها خارج نطاقها، فكيف نستطيع ان نعترف للفكرة بأكثر من هذه الدلالة الغامضة؟
وهب ان الماركسية نجحت في تفسير الفكر والادراك، بعملية تحول للحركة الفيزيائية إلى حركة نفسية، فهل يعني هذا ان الفكرة تستطيع ان تطابق الواقع الموضوعي بصورة كاملة؟ ان هذا التفسير يجعلنا ننظر إلى الفكرة وواقعها الخارجي كما ننظر إلى الحرارة والحركة الآلية التي تتحول إليها. ومن الواضح ان الاختلاف الكيفي بين شكلي الحركة فيهما يجعلهما غير متطابقين. فكيف نفترض التطابق بين الفكرة وواقعها الموضوعي؟
ويبدو على المدرسة الماركسية لون من الاضطراب والتشويش عند مواجهة