السياسية، والاقتصادية، والفكرية، والشخصية.
فالحرية السياسية تجعل لكل فرد كلاما مسموعا، ورأيا محترما في تقرير الحياة العامة للأمة: وضع خططها، ورسم قوانينها، وتعيين السلطات القائمة لحمايتها. وذلك لان النظام الاجتماعي للأمة، والجهاز الحاكم فيها، مسألة تتصل اتصالا مباشرا بحياة كل فرد من أفرادها، وتؤثر تأثيرا حاسما في سعادته أو شقائه، فمن الطبيعي حينئذ ان يكون لكل فرد حق المشاركة في بناء النظام والحكم.
وإذا كانت المسألة الاجتماعية - كما قلنا مسألة حياة أو موت، ومسألة سعادة أو شقاء للمواطنين، الذين تسري عليهم القوانين والأنظمة العامة... فمن الطبيعي، أيضا أن لا يباح الاضطلاع بمسؤولياتها لفرد، أو لمجموعة خاصة من الافراد - مهما كانت الظروف - ما دام لم يوجد الفرد الذي يرتفع في نزاهة قصده ورجاحة عقله، على الأهواء والأخطاء.
فلا بد أذن من اعلان المساواة التامة في الحقوق السياسية بين المواطنين كافة، لأنهم يتساوون في تحمل نتائج المسألة الاجتماعية، والخضوع لمقتضيات السلطات التشريعية والتنفيذية. وعلى هذا الأساس قام حق التصويت ومبدأ الانتخاب العام، الذي يضمن انبثاق الجهاز الحاكم - بكل سلطاته وشعبه - عن أكثرية المواطنين.
والحرية الاقتصادية ترتكز على الايمان بالاقتصاد الحر، وتقرر فتح جميع الأبواب، وتهيئة كل الميادين.. أمام المواطن في المجال الاقتصادي. فيباح التملك للاستهلاك وللإنتاج معا، وتباح هذه الملكية الانتاجية التي يتكون منها رأس المال من غير حد وتقييد، وللجميع على حد سواء. فلكل فرد مطلق الحرية في انتاج أي أسلوب وسلوك أي طريق، لكسب الثروة وتضخيمها. ومضاعفتها، على ضوء مصالحه ومنافعه الشخصية.
وفي زعم بعض المدافعين عن هذه الحرية الاقتصادية ان قوانين الاقتصاد السياسي، التي تجري على أصول عامة بصورة طبيعية، كفيلة بسعادة المجتمع وحفظ التوازن الاقتصادي فيه... وان المصلحة الشخصية، التي هي الحافز