يخصص المسير بالأرض، بل الحديث دال على أن المسير شامل للأرض وغيرها، لأن تلك الجزائر والقصور وما أعد الله فيها ليست في الأرض، ويؤيده قوله عليه السلام: ودرت حول الدنيا عشرون ألف دورة - انتهى).
وأقول: إن الدورة لا تلزم أن تكون على الدائرة العظمى، بل يحتمل أن تكون على بعض الدوائر الصغار الموازية لها ومقدار مسافة تلك الدوائر يقل شيئا فشيئا كلما بعدت عنها، فإن مقدار الدرجة طولا في خط الاستواء سبعة وستين ميلا - على رأي القدماء - وفي عرض (ك) تنقص أربعة أميال، وفي (ل) عشرة أميال، وفي (م) ستة عشرة ميلا، وفي (ن) إحدى وعشرون ميلا، وفي (س) تنقص بنصفها، وفي (ع) تبقى ثلثها، وعلى النسخة الأخيرة يمكن تطبيقها على ما ذكروه في بعض تلك العروض، وعلى رأي المتأخرين فالأمر أسهل، مع أنه لو بنى على طرح الخبر بمجرد تلك المخالفة للزم طرح أخبار كثيرة وردت في بيان مقدار أقطار السماوات وبعض الكواكب، وغير ذلك مما يخالف ظواهرها ما ثبت بالبراهين الحسية، وهذا بعيد عن طريقته وعمله في تصانيفه، فالواجب مع قصور الفهم عن إدراكها ردها إليهم عليهم السلام، امتثالا لما أمروا به، والله الموفق للصواب.
وروى السيد المحدث الجزائري في الأنوار بإسناده إلى سلمان الفارسي رحمه الله أنه قال يوما لأمير المؤمنين عليه السلام بعد موت عمر بن الخطاب:
(يا أمير المؤمنين! إني حزين من فوت رسول الله صلى الله عليه وآله إلى هذا اليوم وأريد أن تروحني هذا اليوم، وتريني من كراماتك على ما يزيل عني هذا الغم، فقال عليه السلام: علي بالبغلتين اللتين من رسول الله صلى الله عليه وآله، فلما أتى بهما ركب هو واحدة وركب سلمان الأخرى، قال سلمان: فلما خرجنا من المدينة فإذا (1) لكل بغلة جناحان، فطارا في الهواء وارتفعا، فتعجبت غاية التعجب فقال (لي): يا سلمان! (أنظر) هل ترى المدينة؟ فقلت: أما المدينة فلا ولكن أرى آثار الأرض، فأشار إلى البغلتين فارتفعتا (2) في الجو لحظة،