درر البحار، في جملة معجزات أمير المؤمنين عليه السلام.
ووجه الغرابة: إن مقدار محيط الدائرة العظمى من الأرض ثمانية آلاف فرسخ عند القدماء - بناء على أن الدرجة الواحدة الأرضية اثنان وعشرون فرسخا وتسعا فرسخ - وأما المتأخرون: فلما كانت الدرجة الأرضية عندهم تسعة عشر فرسخا إلا تسع، كانت الدائرة العظيمة ستة آلاف وثمانمأة فرسخ، فعلى الأول: يكون مقدار المسير على النسخة الأولى: مأة وستون ألف ألف فرسخ، وعلى الثانية: مأة وألف فرسخ، وعلى الثالثة: ثمانون ألف فرسخ، وعلى الثاني: فعلى الأولى: مأة وستة وثلاثون ألف ألف فرسخ، وعلى الثانية: مأة وست وثلاثون ألف فرسخ، وعلى الثالثة: ثمانية وستون ألف فرسخ، مع أن ظاهر الرواية كون مقدار السير في حول الدنيا بالعدد المذكور خمسين ألف فرسخ، وهو لا ينطبق مع القول الأخير بالاحتمال الأخير فكيف بغيره، مع أن ما ذكروه مبتن على قواعد حسية لا يتطرق الخدشة فيها.
وقد تنبه لهذا الإشكال السيد المتقدم، إلا أنه سهى في الحساب في بيان تقرير الإشكال حيث قال بعد نقل الخبر: (إن قلت: يفهم من قوله عليه السلام: لقد سرت خمسين ألف فرسخ ودرت حول الدنيا عشرين ألف مرة، إن تلك العشرين ألف دورة عشر الخمسين ألف فرسخ، فيكون كل دورة ألفا فرسخ وخمسمأة فرسخ، ثم ذكر مقدار المحيط على مذهب القدماء مع أن الدورة على ضبطه ونسخته فرسخين ونصف فرسخ، وأجاب رحمه الله بأنه:
(لا يفهم من هذا الكلام إن جميع العشرين ألف دورة كانت في هذه الخمسين ألف فرسخ، بل ربما كان المراد الإخبار بوقوع كل منهما لا وقوعها فيها، وإن سلمنا ذلك فليس كونها كذلك من الضروريات التي لا يمكن خلافه، بل إن نقلهم يقتضي ذلك - ثم قال بعد الإشارة إلى الاختلاف في نقلهم: - وأيضا ربما كان مسيرة فرسخ في قوة مسيرة عدة فراسخ، على أنه لم