مسجونة، وصدورهم وعاء لذكر الله (١)، إن وجدوا له أهلا نبذوه إليه نبذا، وإن لم يجدوا له أهلا ألقوا على ألسنتهم أقفالا، غيبوا مفاتيحها، وجعلوا على أفواههم أوكية، صلب صلاب أصلب من الجبال، لا ينحت منهم شئ، خزان العلم ومعدن الحكمة (٢)، وأتباع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، أكياس يحسبهم المنافق خرساء عمياء بلهاء، وما بالقوم من خرس ولا عمى ولا بله، إنهم لأكياس فصحاء حلماء حكماء أتقياء بررة، صفوة الله، أسكنتهم الخشية لله، وأعيتهم ألسنتهم خوفا من الله، وكتمانا لسره، فواشوقاه إلى مجالستهم ومحادثتهم، يا كرباه لفقدهم، ويا كاشف كرباه (٣) لمجالستهم، اطلبوهم فإن وجدتموهم واقتبستم من نورهم اهتديتم، وفزتم بهم في الدنيا والآخرة، هم أعز في الناس من الكبريت الأحمر، حليتهم طول السكوت بكتمان السر، والصلاة والزكاة والحج والصوم، والمواساة للإخوان في حال اليسر والعسر، فذلك حليتهم ومحبتهم، (يا) طوبى لهم وحسن مآب، هم وارثوا الفردوس (٤) خالدين فيها، ومثلهم في أهل الجنان مثل الفردوس في الجنان، وهم المطلوبون في النار المحبورون في الجنان، فلذلك قول أهل النار:
﴿ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار﴾ (5)، فهم أشرار الخلق عندهم، فيرفع الله منازلهم حتى يرونهم، فيكون ذلك حسرة لهم في النار، فيقولون: يا ليتنا نرد فنكون مثلهم، فلقد كانوا هم الأخيار وكنا نحن الأشرار، فذلك حسرة لأهل النار - انتهى) (6).
ولله در من قال:
لله تحت قباب العرش طائفة أخفاهم عن عيون الناس إجلالا