سلمان صاحب الكتب الأولى قبلي، صاحب الأوصياء، وعنده من العلم ما لم يبلغني فيوشك أن يكون صاحبي - الخبر) (1) وفيه في حديث إسلام جارود بن المنذر العبدي وأخبار قس بن ساعدة الأيادي، وهو حديث طويل شريف، وفيه: (قال جارود: ثم أقبلت على أصحابه - أي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله - فقلت: على علم به آمنتم به قبل مبعثه كما آمنت به (أنا)، فنصت إلى رجل منهم وأشار إليه وقالوا: هذا صاحبه وطالبه على وجه الدهر وسالف العصر، وليس فينا خير منه ولا أفضل، فبصرت به أغر أبلج قد رقدته الحكمة، أعرف ذلك في أسارير وجهه، وإن لم أحط علما بكنهه، قلت: ومن هو؟ قالوا: هذا سلمان الفارسي، ذو البرهان العظيم والشأن القديم، فقال سلمان: كيف عرفته يا أخا عبد القيس من قبل إتيانه؟ فأقبلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يتلألأ ويشرق وجهه نورا وسرورا، فقلت: يا رسول الله - إلى آخر ما قال.) (2) قوله: قد رقدته الحكمة - اه: من أفصح الكلام وأبلغه، فإن الحمل متى ثقل يرقد حامله، فهو كناية عن بلوغه أقصى مراتب الحكمة وأعلاها، ووصوله أسنى درجات المعرفة ومنتهاها، هذا على ما في نسختي، وفي البحار:
(قد وقذته الحكمة، قال: أي أثرت فيه وبانت فيه آثارها، قال الجوهري:
وقذه يقذه وقذا: ضربه حتى استرخى وأشرف على الموت، ويقال: وقذه النعاس: إذا غلبه، وفي النهاية: فيه فيقذه الورع أي يسكنه ويمنعه من انتهاك ما لا يحل ولا يحمد، يقال: وقذه الحلم: إذا سكته - انتهى) (3)، وأسارير الوجه: هي الخطوط المجتمعة في الجبهة وتنكسر واحدها (سرر) وجمعها (أسرار).
وروى الكشي رحمه الله بسند يأتي في باب علمه بالغيب، عنه خطبة طويلة وفيها: (ألا أيها الناس! اسمعوا من حديثي ثم اعقلوه عني، فقد أوتيت