وآله بمحضر علي عليه السلام: إن أبا بكر وإن كان من أرذل طوائف قريش لكنه لم يزل كان معلما لصبيانهم مطاعا لمن أخذ عنه عن فتيانهم، فهم لأجل رعاية حق التعليم يتلقونه بالتبجيل والتعظيم، ولكلامه فيهم أثر عظيم، وإن معلمي الصبيان طالبون للرياسة، راغبون في الترأس والدراسة، فلو رغبناه إلى ما أخبر (ه) به الأحبار من ظهور سلطانكم وسطوع برهانكم، وأطمعناه فيما يترقب من جاهكم، ودللناه إلى تجاهكم لكان أدخل في تأليف القلوب وأقرب إلى نيل المطلوب، فاستصوبا ذلك وشرع سلمان في دلالة الرجل وإدخاله في الإسلام، والله أعلم بحقايق المرام.) (1) أقول: قد قدمنا في الباب الأول الأخبار المستفيضة القريبة من التواتر في: أن سلمان لقي النبي صلى الله عليه وآله وأسلم في المدينة في السنة الأولى من الهجرة، وذكرنا ضعف الخبر المروي في الكشكول للسيد حيدر الآملي، وهو المراد ببعض الكتب المعتبرة - كما نقله عنه في كتابه مجالس المؤمنين - والظاهر أنه رحمه الله غفل عن هذه الأخبار، أو ألجأه الجواب عن زخرف قول الناصبي البليد إلى اختيار هذا الخبر المردود من وجوه عديدة، وأما الآية فسلمان أحد محتملاتها ولم يثبت، إذ لم يرد من أهل البيت فيه أثر حاسم، مع أن مهرتهم صرحوا بما ذكرنا - كما نقلنا سابقا -، والرازي متهم في معقولاته عندنا ومنقولاته عندهم - كما صرح به السيد محمود الآلوسي البغدادي المفتي المعاصر في تفسيره روح المعاني في بيان الاختلاف في التسمية وإنها آية من كتاب الله أولا -.
والأولى في الجواب أن يقال: إن سلمان سابق من أسلم بالمدينة من الأنصار وعلي عليه السلام سابق من أسلم بمكة من المهاجرين، فالسابقون الأولون من المهاجرين أمير المؤمنين عليه السلام، والسابقون الأولون من الأنصار سلمان، أو يقال: إن سلمان وإن لقي النبي صلى الله عليه وآله بالمدينة وأسلم على يديه ظاهرا إلا أنه آمن به قبل مبعثه في الباطن، فإنه عرفه بالصفة والنعت وآمن