أن يهدى فما لكم كيف تحكمون) * (1) ومع ذلك يتعامون عن عيبهم ويرموننا به لوما وعداوة، مع أن أئمتنا الذين ندين الله بحبهم وقولهم، أقطاب ألباب أنجاب قد نقل هؤلاء الخصوم مناقبهم وكراماتهم وحلهم للمعضلات التي كانت تعرض لعلمائهم وقضاتهم في أعصارهم، حتى أن أكثر ما عندنا من ذلك نقلناه من كتبهم وآثارهم حجة عليهم وإلزاما لهم، حتى أنه لم ينقل من مخالف في حقهم غلط في قول، ولا شطط في حكم، ولا زلة في عمل.
فأينا أبلج (2) بالحجة، وأحق بالاتباع، وأولى بالعيب!؟
وليس للخصم أن يقول: إنهم لم يدعوا الإمامة ولكنكم ادعيتم فيهم ذلك - كما سمعناه من بعض جهلائهم -، فإن القائل بذلك مصادم لبديهة عقله - إن كان ممن يعقل - إذ لا يرتاب عاقل في أن أئمتنا (عليهم السلام) كانوا في أعصارهم ممتازين عن مخالطة علماء الخصوم وقضاتهم وملوكهم، منقطعين إلى الله تعالى في أمر دينهم وعبادتهم، مانعين أنفسهم عن طلب دنياهم وجوائزهم، مشفقين على شيعتهم ومن يدين الله بقولهم، مظهرين لخواص شيعتهم دعوى الإمامة كما نقله الفريقان عنهم، ولذا كان العباسيون مع كونهم أرحاما لهم لا يزالون يتجسسون عليهم ويقابلونهم بالقطيعة وأنواع الإيذاء حتى أماتوا جماعة منهم (عليهم السلام) بالسم والغيلة (3)، واستأصلوا شيعتهم قتلا ونهبا وتشريدا في أقطار الأرض، وما ذلك إلا لما علموه من دعوى الإمامة منهم وموافقة شيعتهم وتصديقهم لهم، فقابلوهم بالإيذاء والقتل، لما داخلهم من وهم أخذ