ممتنعا نظر إلى ذاته وإلا كان واجبا لذاته (فيكون) ذلك الخارج عن جميع المكنات (واجبا) وجوده في حد ذاته إذ لا موجود في الخارج سوى الممكن والواجب (وهو المطلوب) فإن قلت ثبوت الواجب على تقدير انحصار الموجودات في الممكن يكون خلفا لازما على تقدير نقيض المطلوب لا مطلوبا كأنه قيل إن لم يكن الواجب موجود ألزم انحصار الموجود في الممكنات ويلزم من وجود هذا الانحصار عدمه فيكون محالا فيبطل نقيض المطلوب فتظهر حقيته قلت نعم لكن الخلف اللازم قد يكون عين المطلوب ولذلك يقال هذا خلف ومع ذلك هو مطلوبنا وهذا المسلك غير محتاج إلى إبطال الدور والتسلسل ومستخرج من ملاحظة حال عدم المعلول بالقياس إلى علته كما أن المسلك السابق لوحظ فيه حال وجوده مقيسا إليها (المسلك الخامس) وهو قريب مما قبله لو لم يوجد واجب لذاته لم يوجد واجب لغيره) أي ممكن وحينئذ (فيلزم أن لا يوجد موجود) أصلا ضرورة انحصار الموجود في الواجب والممكن (أما الأول) وهو أنه إذا لم يوجد واجب لم يوجد ممكن (فلأن) الواجب إذا لم يوجد كانت الموجودات بأسرها ممكنة ولا شك أن (ارتفاع الجميع) المركب من الممكنات فقط (مرة) أي بالكلية (لا يكون) على ذلك التقدير (ممتنعا لا بالذات) وهو ظاهر لأنه وآحاده برمتها ممكنة (ولا بالغير) لما عرفت من أن الغير الذي يمتنع به رفع الجميع بالمرة لا بد أن يكون موجودا خارجا عنه واجبا لذاته والمفروض عدمه (وأما الثاني) وهو أنه إذا لم يوجد واجب بذاته ولا بغيره لم يوجد موجود أصلا (فلأن ما لم يجب أما بالذات وأما بالغير لا يوجد كما تقدم) من أن الموجود إما واجب مسبوق وجوده بوجوبه الذاتي وإما ممكن مسبوق وجوده بوجوبه من علته وهذا المسلك كالرابع في الاستغناء عن حديث الدور والتسلسل وقربه منه مكشوف لا سترة به (المسلك السادس ما أشار إليه بعض
(١١)