كانت في المسلك الأول من بيان حدوث العالم وإمكانه وما يتوجه عليه من الأسئلة والأجوبة عنها فإنها سقطت ههنا (كما ترى (المسلك الثالث) لبعض المتأخرين) يعني صاحب التلويحات وهو أنه لا شك في وجود ممكن كالمركبات فإن استند إلى الواجب ابتداءا وانتهى إليه فذاك وإن تسلسلت الممكنات قلنا (جميع الممكنات) المتسلسلة إلى غير النهاية (من حيث هو جميع ممكن لاحتياجه إلى أجزائه التي هي غيره فله علة) موجدة ترجح وجوده على عدمه لما عرفت من أن الإمكان محوج (وهي لا تكون نفس ذلك المجموع إذ العلة متقدمة على المعلول ويمتنع تقدم الشئ على نفسه) ولا جميع أجزائه لأنه عينه (ولا تكون) أيضا (جزءه) أي بعض أجزائه (إذ علة الكل علة لكل جزء) وذلك لأن كل جزء ممكن محتاج إلى علة فلو لم تكن علة المجموع علة لكل واحد من الأجزاء لكان بعضها معللا بعلة أخرى فلا تكون تلك الأولى علة للمجموع بل لبعضه فقط وحينئذ (فيلزم أن يكون) الجزء الذي هو (علة المجموع علة لنفسه ولعللة) أيضا وإذا لم تكن علة المجموع نفسه ولا أمرا داخلا فيه (فإذن هو أمر خارج عنه والخارج عن جميع الممكنات واجب لذاته وهو المطلوب) ولا بد أن يستند إليه شئ من تلك الممكنات ابتداء فتنتهي به السلسلة (وأعترض عليه بوجوده * الأول المجموع يشعر بالتناهي) لأن ما لا يتناهى أوليس له كل ولا مجموع ولا جملة بل ذلك إنما يتصور في المتناهي وتناهي الممكنات يتوقف على ثبوت الواجب
(٦)