لاختلاف أسباب قطعهم، حيث إن بعضهم من قبيل الأول، وبعضهم من قبيل الثاني.
قلنا: أولا - إن الأسباب العادية أيضا يمكن زوال القطع الحاصل منها وانكشاف خلافها، إلا أن انكشاف الخلاف فيها أقل من غيرها.
وثانيا - إن الحكمة لا يلزم ان تكون مطردة، بل يكفي ثبوتها لكثير من الناس في إثبات الحكم بالنسبة إلى نوع المكلفين.
قوله - قدس سره -: (ويحتمل بعيدا أن يراد من الحرمة الحمرة المشرقية.). (1) هذا بناء على أن المغرب - شرعا - لا يدخل إلا بزوال الحمرة المشرقية عن سمت الرأس، وأن الإمام عليه السلام لم يبين للسائل الحكم الواقعي للواقعة المسؤول عنها بأن يقول له: إن مجرد ارتفاع الحمرة المشرقية لا يكفي في تحقق المغرب، بل لا بد من ارتفاع إلى حيث تزول عن سمت الرأس لأجل التقية، وإنما أمره بالانتظار جمعا بين الحقين.
أحدهما: أن يقع إفطاره وصلواته في وقت المغرب الشرعي.
وثانيهما: التقية حيث إن الأمر بالانتظار معللا بالاحتياط يوهم موافقته عليه السلام للمخالفين، فيتحقق به التقية.
ووجه إيهامه لذلك: أن تعليله بالاحتياط يشعر بأنه لأجل تحصيل الجزم باستتار القرص الذي هو كاف عند المخالفين.
وبالجملة على هذا التقدير يكون فرض سؤال السائل في الشبهة الحكمية، لكن الإمام عليه السلام أجابه بصورة الشبهة الموضوعية الموهمة لكفاية استتار القرص في المغرب، وأن التأخير في الإفطار والصلاة لأجل تحصيل الجزم باستتاره للتقية.