بالتوقف في تلك الأخبار إنما هو التوقف في العمل في مقابل المضي فيه، كما يشهد به سياقها وموارد أكثرها، لا التوقف في الحكم والفتوى اعتمادا على القياس أو على كل ما لم يعلم وصوله من الشارع، كما هو مفاد الجواب الأول من تلك الأجوبة (1).
ولا يخفى أن هذا الجواب أفسد من الجواب الأول، فإنه على تقدير كون المراد بالتوقف هو التوقف في الحكم والفتوى، فسياق تلك الأخبار آب عن تخصيصها بخصوص القياس.
قوله - قدس سره -: (وهي جميع آيات الكتاب.). (2) لا يخفى أن آيتين منها لا دلالة لهما على نفي استحقاق العقاب على مخالفة التكليف المجهول، وهما قوله تعالى: قل لا أجد في ما أوحي... إلخ (3)، وقوله تعالى وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه إلخ (4)، فالتعبير بلفظ الجمع غير جيد، اللهم [إلا] أن يكون مراده الآيات الدالة على المطلوب، فإن الآيتين المذكورتين - كما مر سابقا - ليستا من الآيات الدالة عليه، فتدبر.
قوله - قدس سره -: (على ما هو المفروض.). (5) فإن المجيب رد الاستدلال بأخبار التوقف بمعارضتها لأخبار البراءة، ولا ريب أن المعارضة لا تكون إلا بعد استجماعها لشرائط الدليلية، بحيث لا يكون مانع عن وجوب العمل بها إلا معارضتها للأدلة الاخر الدالة على البراءة، فهو معترف بتمامية تلك الأخبار.