لاستمرار عدم المنع واقعا، كيف ولو لم يبن علي هذا لوجب طرح جميع الاستصحابات العدمية الجارية في نفي نفس الأحكام كاستصحاب عدم الحرمة وعدم الوجوب وغيرهما، إذ لا فرق بينها وبين عدم المنع من جهة أن الأولى منها - أيضا - ليس بيد الشارع حتى يحكم به، ويكون استمرارها بيده، وأن عدم الحرمة أو الوجوب مع الإذن في الفعل أو في الترك من قبيل الضدين، فلو لم ينفع هذا التوجيه في المقام لما تم ثمة أيضا، وبعده لا وجه للاستصحاب فيها، مع أن شيخنا الأستاذ - قدس سره - يقول بجريان الاستصحاب فيها، كما هو الحق عندنا بلا إشكال.
وخلاصة المرام: أن المصحح للاستصحاب لا ينحصر في ثبوت أثر شرعي للمستصحب، وإلا لم يجر في مجاري الشك في الأحكام الشرعية، لا من حيث الوجود، ولا من حيث العدم، بل المصحح أحد الأمرين على سبيل منع الخلو: أحدهما ما ذكر، وثانيهما كون نفس المستصحب من الأمور المنوط استمرارها بيد الشارع.
قوله - قدس سره -: (فتأمل) (1) لعله إشارة إلى أن إحراز الموضوع في موارد الاستصحاب - بناء على اعتبار الاستصحاب من باب الإخبار - إنما هو موكول إلى نظر العرف، وهم لا يجعلون مثل ذلك التغاير منشأ لتبدل الموضوع، بل مع ذلك يحكمون بأن هذا هو الذي كان قبل، ويتسامحون في ذلك التغاير، فلا يبنون على مغايرة المجنون - إذا أفاق - له حال الجنون، بل يقولون: إنه - حينئذ - هو، وكذا لا يبنون ولا يحكمون بمغايرة الصبي - إذا بلغ - له حال الصغر، بل يحكمون باتحاد الموضوع بالنسبة إلى تينك الحالتين، فافهم.