هذا، مع أن حقيقة التكليف هو ما حمل المكلف على الفعل وبعثه إليه، والتكليف المجهول حال كونه كذلك لا يعقل كونه محركا كما عرفت، فلا يكون تكليفا حقيقة.
قوله - قدس سره -: (واعلم أن هذا الدليل العقلي) إلى قوله: (معلق على عدم تمامية أدلة الاحتياط) (1) لا يخفى أنه قد توهم العبارة خلاف المقصود، وهو أن موضوع قاعدة - قبح العقاب على تكليف من دون بيان - مقيد بعدم وجوب الاحتياط، حتى بالنسبة إلى التكاليف الواقعية المجهولة، بحيث لو فرض وجوبه بفرض تمامية أدلته فلا يبقى لهذه القاعدة مطلقا موضوع، فيكون الاحتياط واردا على هذه القاعدة مطلقا، والموهم لذلك هو قوله - قدس سره -: (إنما هو إطلاق القول بكون تلك القاعدة معلقة على [عدم] (2) وجوب الاحتياط) فإنه ظاهر فيما ذكر، مع أنه خلاف المقصود، مضافا إلى فساده في نفسه، حيث إن وجوب الاحتياط كيف يعقل كونه بيانا للتكاليف الواقعية المجهولة؟ بل إنما هو بيان لحكم موضوع نفسه، وهو مشكوك الحكم - مثلا - فلا يعقل ارتفاع موضوع تلك القاعدة بالنسبة إلى التكاليف الواقعية المجهولة مع وجوبه، ولا يقول به الأخباريون أيضا، بل المقصود كونها معلقة بالنسبة إلى هذا التكليف الظاهري الخاص، وهو الاحتياط على عدم تمامية أدلة وجوبه، بحيث لو ثبت منها وجوبه لم يبق لتلك القاعدة موضوع بالنسبة إلى هذا الحكم الظاهري المشكوك فيه قبل، فإن القاعدة المذكورة جارية في مطلق التكليف المجهول - سواء كان واقعيا أو ظاهريا - وارتفاع موضوعها عن واحد منهما إنما هو ببيان نفس ذلك الواحد.
وبالجملة: لما كان النزاع في المقام - أعني الشبهة التحريمية - في وجوب