قبح التكليف بما لا يطاق امتثاله (1)، ولأجل إرجاعه إليه وإدخاله فيه، فحينئذ يتجه عليه:
أن قبح التكليف بما لا طريق إلى امتثاله (2) مطلقا ممنوع، بل إنما يكون قبيحا إذا لزم منه التكليف بما لا يطاق، وهو فيما إذا كان الغرض من التكليف الامتثال الحقيقي، فلا يستقيم - حينئذ - جعله دليلا على أصل البراءة، إذ للخصم أن يمنع كون الغرض من التكليف المشكوك فيه ذلك، بل لا بد له من منعه، فإنه لو سلم ذلك فلا ريب في عدم إمكان حصوله بالاحتياط أيضا، فلا وجه له (3) لإيجابه.
وبالجملة: لأحد أن يقول للمستدل: الغرض من التكليف الواقعي المشكوك لا ينحصر في الامتثال حتى يحكم ببطلانه، لكونه تكليفا بما لا يطاق، بل يمكن أن يكون الغرض منه مطلق صدور الفعل أو إتيانه لداعي حصول الانقياد، فعلى المستدل نفي هذين الاحتمالين أيضا، حتى يثبت خلو التكليف المذكور عن الغرض بالكلية، فيكون قبيحا وباطلا حينئذ.
وشيخنا الأستاذ - قدس سره - لما رأى عدم تمامية هذا المقدار الذي ذكره السيد - قدس سره - على إثبات أصالة البراءة، فأكمله بقوله: (واحتمال كون الغرض من التكليف.) (4). إلى آخر ما ذكره - قدس سره - فقوله ذلك إلى آخره تتميم لذلك الدليل.
وحاصل ما ذكره - قدس سره - من الدفع بتوضيح منا: أنه إن قام دليل على وجوب إتيان الشاك في التكليف بالفعل مطلقا أو لاحتمال المطلوبية فذلك