- بأمر لا طريق للمكلف إلى العلم بتعلق التكليف به - تكليف بما لا يطاق الامتثال به، وهو قبيح، فيكون التكليف المذكور قبيحا، وإنما لم يحتج على بطلان ذلك (1) اتكالا على وضوحه.
ووجه استدلاله بذلك على مسألة البراءة: أنه لو كان التكليف المشكوك فيه في الواقع منجزا على المكلف - وموجبا للزوم الإتيان به بطريق الاحتياط - لكان ذلك التكليف تكليفا بما لا طريق إلى العلم به، وهو قبيح، لكونه. تكليفا بما لا يطاق الإتيان به، فيكون باطلا، فيكون المقدم مثله، فحينئذ لا شيء يقتضي وجوب الاحتياط في موارد الشك في التكليف.
لكن لا يخفى أن قبح التكليف بما لا طريق إلى العلم به من جهة كونه تكليفا بما لا يطاق الإتيان به، على ما ذكره المستدل لا يتم بمجرد صدق كونه تكليفا بما لا يطاق الإتيان به، فإن القبيح هو التكليف بما لا يطاق، وأما قبح التكليف بما لا يطاق الإتيان به، فهو مطلقا ممنوع، بل المسلم منه ما إذا كان الغرض من التكليف هو الامتثال الحقيقي، بمعنى الإتيان بخصوص المأمور به أو ترك خصوص المنهي عنه، لكونه مأمورا به أو منهيا عنه، والسر فيه رجوعه إلى التكليف بما لا يطاق. وأما لو كان الغرض منه الإتيان به على أي وجه كان فقبح ذلك التكليف - من جهة صدق التكليف بما لا يطاق الإتيان به - ممنوع.
والحاصل: أنا وإن كنا نقول بقبح التكليف بما [لا] طريق إلى العلم [به]، لكن [لا] لأجل ما ذكره المستدل، بل لأجل قبح ذلك في نفسه عند العقل من غير إرجاعه إلى أمر آخر وإدخاله فيه، والمستدل أراد إثبات قبحه من جهة