إن السري إذا سرى فبنفسه * وابن السري إذا سرى أسراهما إذا قال بذ (١) الفصحاء، وحير البلغاء، وأسكت العلماء، إن جاد بخل الغيث، وإن صال جبن الليث، وإن فخر أذعن كل مساجل، وسلم إليه كل مناضل وأقر لشرفه كل شريف، وإن طاول الأفلاك ونافر الأملاك واعترف أنه ليس هناك، وإن ذكرت العلوم فهو (عليه السلام) موضح إشكالها، وفارس جلادها وجدالها، وابن نجدتها، وصاحب أقوالها، واطلاع نجادها، وناصب أعلام عقالها.
هذه صفاته التي تتعلق بذاته، وعلاماته الدالة على معجز آياته، فإن أتى الناس بآبائهم أتى بقوم أخبر بشرفهم هل أتى، ودلت على مناصبهم آية المباهلة، وإن عنا عن قبولها من عنا، ونطق القرآن الكريم بفضلهم، ونبه الرسول (صلى الله عليه وآله) على نبلهم، ولم يسأل على التبليغ أجرا إلا ودهم، وبالغ في العهد بهم: أن أحسنوا خلافتي في أهلي، فما حفظوا عهده ولا عهدهم.
فهم (عليهم السلام) أمناء الله وخيرته، وخلفاؤه على بريته وصفوته، المشار إليهم بآداب القرآن المجيد، المخاطبون ب ﴿إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد﴾ (2) الذين هم على أولياء الله أرق من الماء، وعلى أعدائه أقسى من الحديد.
وأجواد والسحاب باخل، أيقاظ في اللقاء والليث ذاهل، قلوبهم حاضرة، ووجوههم ناضرة، وألسنتهم ذاكرة، وإذا كان لغيرهم دنيا فلهم دنيا وآخرة، صلى الله عليهم صلاة يقتضيها كرم الله، واستحقاقهم الكامل، وهذان سببان يوجبان الحصول لوجود الفاعل والقابل (3).