أقول:
لقد صرح كثير من المحدثين والمؤرخين بأن الإمام (عليه السلام) قد مات مسموما، منهم: الشبلنجي وابن الصباغ المالكي والشيخ أبو جعفر الطبري الإمامي والشيخ إبراهيم الكفعمي وغيرهم (1)، وبعض هؤلاء اكتفى بنقل القول في ذلك، ومما لا شك فيه أن الإمام (عليه السلام) قد استشهد في زمان المعتز، وهو المعروف عند المؤرخين بأنه كان شابا نزقا سفاكا للدماء، لم يتحرج عن القتل.
ففي أول جلوسه على سرير الحكم بعث إلى أخويه المؤيد وأبي أحمد ابني المتوكل، فأخذهما وحبسهما، وقيد المؤيد وضربه أربعين مقرعة، وخلعه من ولاية العهد، وأخذ خطه بخلع نفسه، ثم قتله في السجن، وجعل أخاه أبا أحمد في محبسه، وخشي أن يتحدث عنه الناس أنه قتل أخاه أو احتال عليه، فأحضر القضاة حتى شاهدوه وليس به أثر (2).
وأبعد ابن عمه المهتدي إلى بغداد خوفا من أن ينصبه الأتراك خليفة من بعده (3)، وهو الأمر الذي حدث فعلا.
وكتب أمانا لابن عمه المستعين بعد أن خلع الأخير نفسه عن الخلافة وبايع للمعتز، وسكن واسط، لكنه بعث إليه سعيد بن صالح، فأدخله سعيد منزله وضربه حتى مات، وقيل: جعل في رجله حجرا، وألقاه في دجلة. وحمل رأسه إلى المعتز